أصغر البنات على وشك أن تصبح أما – إن شاء الله – والأمراض بدأت تستوطن البدن.. (الكوليسترول).. الأملاح.. المفاصل.. (الديسك).. والقراءة أصبحت مستحيلة دون نظارات.
يتذكر أحدنا، وإن لم يكن يتذكر يرجع إلى (ألبومات) الصور وأشرطة (الفيديو) ليرى كيف كان في شبابه.. ثم أول أيام زواجه.. ثم مع الطفل الأول.. ثم تخرجه وشهاداته.. شريط الحياة يمضي سريعا.. ويبدأ العد التنازلي للانتقال إلى الحياة الأخرى..
كنت وصاحبي في جولة سريعة بالمركبة بعد صلاة العشاء:
– وما الذي خطر على بالك لتتذكر كل هذا؟!
– خطبة الجمعة بالأمس.. إخوان كانوا يصلون معنا.. توفوا.. رمضان سيأتينا بعد أقل من شهرين.. وكأننا للتو انتهينا من رمضان الماضي.. الصيف اشتدت حرارته.. وكأنه لم يمر علينا شتاء برد فيه الجو.
– ألم يخبر النبي [: «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان؛ فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار.. وفي رواية: كاحتراق سعفة».. الترمذي (صححه الألباني)؟!
– بلى.. والخاسر من يسوف.. على المسلم أن يتعامل مع الزمن لحظة بلحظة، الذي يقول: سأفعل.. السنة القادمة.. أو الشهر القادم.. أو الأسبوع القادم.. وهكذا.. فإنه يمر عليه العمر ولم يعمل.. المسلم يقول: هذه اللحظة أذكر الله.. وهذه الدقيقة أذهب إلى المسجد..لا يفوت صلاة.. ولا يضيع صياما.. ولا يتهاون في عمل الخير.. ولا يتقاعس عن المبادرة في الصالحات.. وذلك أن العمر ما هو إلا مجموع الدقائق والثواني.. كلما مضى منها شيء نقص بقدره من عمره.. وهي تمضي سريعا.. حركة الأرض سريعة.. والشمس سريعة.. وتعاقب الأيام والليالي سريع.. يبدأ النهار.. ثم يأتي الليل.. ويطلع نهار جديد بعده.. لا تتوقف هذه الحركة.. وينقص عمر الإنسان معها سريعا.. «كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها» مسلم والترمذي وابن ماجة.
– يحتاج أحدنا أن يتذكر هذه الأمور ولاسيما أن زماننا مليء بالمشاغل.. الحقيقية والمزيفة.. العمل.. الأهل.. الالتزامات الاجتماعية.. النفس.. أمور كثيرة إذا التفت إليها الإنسان شغلته حتى عن الصلاة.. هل تصدق أني قبل يومين نسيت صلاة الظهر، ولم أتذكرها إلا وأنا أتوضأ لصلاة العصر.. كنت منذ الصباح في لجان واجتماعات وامتحانات للطلبة.. ثم استلقيت نصف ساعة قبل العصر.. ولم أتذكر أنني لم أصل الظهر.. أستغفر الله.

– أحدنا إذا لم يلزم نفسه بأمور.. مثل الصلاة في الوقت بالمسجد.. الزكاة في الموعد.. الرحم وخاصة الوالدين في الموعد.. ويلتزم بذلك دون تغيير مهما كانت الظروف.. فإن أمواج الدنيا تجرفه بعيدا ولا ينتبه والعياذ بالله إلا في سكرات الموت فيقول: {رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت} (المؤمنون: 99-100).