تظهر بين فترة وأخرى دعوات عند اليهود والنصارى للانتقاص من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والنيل منه والاستهزاء به، فيرد عامة المسلمين بالتظاهر تأييدا له – صلى الله عليه وسلم – ودفاعا عنه.
– مهما فعل البشر، فإنهم لن يستطيعوا أن ينقصوا من مكانة الرسول – صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله أكرمه ورفعه وأعزه وأجله، ومن يكرم الله لا يهنه أحد: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ}.
كنت وصاحبي في مكاتبنا الجديدة التي انتقلنا إليها في الموقع الجديد لجامعة الكويت، جلسنا نشرب قهوة الصباح في أحد المقاهي التي انتشرت في المساحات العامة للجامعة.
– آية تخطر على بالي، لم أستوعب معناها: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (الأحزاب:57)، كيف يستطيع أحد أن يؤذي الله؟
– هذه الآية من سورة الأحزاب ورقمها 57.
بعد أن بحثت في هاتفي..
– وكنت قد اطلعت على تفسير هذه الآية قبل أيام قليلة أثناء إعدادي لخاطرة في أحد تجمعات المنطقة، أما أذى العبد لله فهو ليس كأذى العبد للعبد، وذلك أن الله لا يضره شيء ولا ينفعه شيء، وقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث القدسي أحد معاني أذى العبد لله؛ ففي صحيح البخاري: «كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا!»، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: قال الله -تعالى-: «يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر؛ فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما»، فهذه بعض الأمثلة، على إيذاء العبد لله -عز وجل-، ولا شك أن معها الكفر، ووصفه بما لا يليق به -سبحانه-، وما كان مثل هذا.
– وماذا عن إيذاء النبي – صلى الله عليه وسلم -؟
– لقد تكفل الله -عز وجل- بالدفاع عن نبيه – صلى الله عليه وسلم – وتوعد من يؤذيه بالعذاب في الآخرة والخزي في الدنيا وورد إيذاء النبي – صلى الله عليه وسلم – في سورة التوبة، يقول -تعالى-: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (التوبة:61)، ويقول -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَ كِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَ لِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَ لِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} (الأحزاب:53).
بين تعالى أن في المنافقين من كان يبسط لسانه بالوقيعة في أذية النبي – صلى الله عليه وسلم – ويقول: إن عاتبني حلفت له بأني ما قلت هذا فيقبله، فإنه أذن سامعة.
وهذه الآية نزلت في عتاب ابن قشير، قال: إنما محمد أذن يقبل كل ما قيل له. وقيل: هو نبتل بن الحارث، وقيل في المنافقين إجمالا؛ فمنهم من قال: إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير، وقال بعضهم: نقول فيه ما شئنا ثم نذهب إليه ونحلف له أنا ما قلنا فيقبل قولنا.
يتبع إن شاء الله