– ما الفرق بين الخوف والخشية؟

– الخشية تكون مع التعظيم والعلم، والخوف شعور فطري جبلِّي من كل ما يمكن أن يؤذي أو يضر؛ ولذلك بين الله -سبحانه وتعالى- أن أحق من يخشاه هم العلماء {إنما يخشى الله من عباده العلماء}، والخوف يؤدي إلى الهروب والاجتناب، والخشية تؤدي إلى الخضوع والانقياد؛ فالعبد يخاف الله، ويخشى عذابه.

– وهل المطلوب محبة الله أم خشية الله؟

– كلاهما، يجب على العبد أن يحقق المحبة كاملة لله، محبة تعظيم وعبودية ورغبة، ويخشى الله رهبة، وهذه لا تكون إلا لله، ومن تكريم الله -عز وجل- لرسوله صلى الله عليه وسلم أن جعل اتباعه مقياسا لمحبة الله: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم}(آل عمران: 31).

     وفي التفسير عن الحسن البصري: «أن قوما زعموا محبة الله؛ فابتلوا بهذه الآية»، وهناك آيات أخرى تبين وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، بل وطاعته في كل شيء؛ فكل أمر يصدر عنه يفيد الوجوب، ما لم يصرفه صارف، وإليك بعض الآيات في هذا الموضوع.

كنت وصاحبي في طريقنا إلى المستشفى الصدري لنزور (أبا محمد)، بعد أن نقل إلى الغرفة عقب انتهاء عملية قلب مفتوح قبل ثلاثة أيام.

     قال -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}(الأنفال: 24)، وقال -تعالى-: {لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(النور: 63)، وقال -سبحانه-: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم}(الحجرات: 1)، وقال -عز وجل-: {ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}(الأحزاب: 36)، وآيات كثيرة في المعنى ذاته.

وماذا عن شرح هذه الآيات من كتب التفسير؟

– بفضل الله أصبحنا نحمل مكتبتنا في جيوبنا.

أخرجت هاتفي وأخذت أبحث عن تفسير هذه الآيات، طال البحث قليلا؛ فاقترح عليَّ صاحبي تأجيل القراءة إلى ما بعد انتهاء زيارة صاحبنا، وكان ذلك في طريق عودتنا؛ حيث كان الموضوع جاهزاً في ملف خاص.

– إليك ما جمعت لك من تفسير القرطبي، والشوكاني، وابن عاشور، قالوا: يا رسول الله، والله إنا لنحب ربنا؛ فأنزل الله -عز وجل-: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني}.

     ومن جملة ما أجمله في الكتاب العزيز قوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؛ فأمر في هذه الآية باتباع ما سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكل حكم سنّه الرسول لأمته، قد ذكره الله -سبحانه- في كتابه العزيز بهذه الآية وبنحو قوله -تعالى-: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني}.

     انتقال إلى الترغيب بعد الترهيب على عادة القرآن، والمناسبة أن الترهيب المتقدم ختم بقوله: {والله رؤوف بالعباد}(آل عمران: 30)، والرأفة تستلزم محبة المرؤوف به الرؤوف؛ فجعل محبة الله فعلا للشرط في مقام تعليق الأمر باتباع الرسول عليه مبني على كون الرأفة تستلزم المحبة، ثم رُتِّبَ على الجزاء مشروط آخر وهو قوله: {يحببكم الله}، وجملة والله غفور رحيم في قوة التذييل، ولم يُذكر متعلق للصفتين؛ ليكون الناس ساعين في تحصيل أسباب المغفرة والرحمة، وفي الآية من سورة النور.

قال سعيد بن جبير ومجاهد: المعنى قولوا يا رسول الله، في رفق ولين، ولا تقولوا يا محمد بتجهم، وقال قتادة: أمرهم أن يشرفوه ويفخموه.