لنتابع حديثنا عن الآيات التي أيد الله بها رسله ونتدبرها معا.

يقول -تعالى- في سورة هود: {وَكَذَ لِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَ لِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَ لِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَ لِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103)} (هود: 102-103)، معنى (آية) هنا عبرة وعظة، ويقول -تعالى- في سورة الحجر: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَ لِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَ لِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 73-77).

وهنا يخبرنا الله -عز وجل- عن العذاب الذي أنزل على قوم لوط، بعد أن أنذرهم نبيهم، وبين لهم فساد ما يفعلونه، وأرشدهم إلى الزواج الشرعي بالنساء، وفي تفسير هذه الآيات: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} إن في الذي فعلنا بقوم لوط من إهلاكهم، وأحللنا بهم من العذاب لعلامات ودلالات للمتفرسين المعتبرين بعلامات الله، وعبرة لعواقب أمور أهل معاصيه والكفر به، وإنما يعني -تعالى ذكره- بذلك قوم نبي الله[ من قريش، يقول: فلقومك يا محمد في قوم لوط، وما حل بهم من عذاب الله حين كذبوا رسولهم، وتمادوا في غيهم وضلالهم، معتبر.

عن ابن عباس: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} يقول: للناظرين.

عن قتادة قوله: (للمتوسمين) أي: للمعتبرين.

وإن هذه المدينة، مدينة سدوم، لبطريق واضح مقيم، يراها المجتاز بها لا خفاء بها.

{إن في ذلك لآية للمؤمنين} يقول -تعالى ذكره-: إن في صنيعنا بقوم لوط ما صنعنا بهم، لعلامة ودلالة بينة لمن آمن بالله على انتقامه من أهل الكفر به، وإنقاذه من عذابه أهل الإيمان منهم.

– نعم، ثم الآيات التي أيد الله -عز وجل- بها عيسى -عليه السلام.

– إن خلق عيسى آية، كما قال -عز وجل-: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)} (المؤمنون).

{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ(47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50)} (آل عمران).