– لا شك أن أعظم آيات موسى عليه السلام كانت العصا واليد، وهما الآيتان اللتان أظهرهما الله -عز وجل- لموسى في كلامه -جل وعلا- معه أول مرة، عندما أتى الغار يريد أن يجد عندها شيئا ينتفع به وأهله، فناداه الله -عز وجل- وكلمه كلاما سمعه موسى، وأعلمه أنه اختاره رسولا لبني إسرائيل، وأمره أن يأتي فرعون ويتحداه بالعصا التي كانت تنقلب ثعبانا عظيما مخيفا، ولكن ماذا عن باقي الآيات: الطوفان، الجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ما معناها؟!

– أما الطوفان فهو الماء أو الموت، والقمل هو الرّبى أو صغار الجراد وقيل (القمّل) جمع واحدتها قملة دابة تشبه (القمل) تأكلها الإبل، وفي التفسير عن سعيد بن جبير قال: لما أتى موسى فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل! فأبى عليه، فأرسل الله عليهم الطوفان -وهو المطر- فصب عليهم منه شيئا، فخافوا أن يكون عذابا، فقالوا لموسى: ادع لنا ربك أن يكشف عنا المطر، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربه، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فأنبت لهم في تلك السنة شيئا لم ينبته قبل من الزرع والثمر والكلأ؛ فقالوا هذا ما كنا نتمنى؛ فأرسل الله عليهم الجراد، فسلطه على الكلأ فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقي الزرع، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك فيكشف عنا الجراد فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! دعا ربه، فكشف عنهم الجراد، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فداسوا وأحرزوا في البيوت، فقالوا: قد أحرزنا فأرسل الله عليهم القمّل -وهو السوس الذي يخرج منه- فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحى، فلا يرد منها ثلاثة أقفزة، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا القمل، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه، فكشف عنهم، فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل، فبينا هو جالس عند فرعون؛ إذ سمع نقيق ضفدع، فقال لفرعون: ما تلقى أنت وقومك من هذا؟ فقال: وما عسى أن يكون كيد هذا؟ فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع، ويهم أن يتكلم فتثب الضفادع في فيه، فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! فكشف عنهم فلم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الدم، فكان ما استقوا من الأنهار والآبار، أو ما كان في أوعيتهم وجدوه دما عَبِطاً، فشكوا إلى فرعون فقالوا: إنا قد ابتلينا بالدم، وليس لنا شراب! فقال: إنه قد سحركم! فقالوا: من أين سحرنا، ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئا من الماء إلا وجدناه دما عبيطا؟ فأتوه فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم؛ فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه فكشف عنهم، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل.

– لذلك لعنهم الله، فما من أمة بعث الله فيها أنبياء مثل بني إسرائيل، ولكنهم كما قال -عز وجل-: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} (البقرة: 87).

– وكم عدد الأنبياء والرسل الذين أرسلوا لبني إسرائيل؟

– لا أظن أن هناك نصا صريحا في تحديد عددهم ولكن في المستدرك عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوح وهود ولوط وصالح وشعيب وإبراهيم وإسماعيل ويعقوب وعيسى ومحمد – صلى الله عليه وسلم -، وليس لنبي من أنبياء بني إسرائيل اسمان إلا عيسى: المسيح ويعقوب: إسرائيل، والحديث في عدد الأنبياء (315)، فيكون العدد عند بني إسرائيل (305) من الأنبياء والرسل.