صاحبي من المعجبين والمتابعين للدكتور فاضل السامرائي، الذي يتناول دقائق الكلمات الواردة في كتاب الله، مثل: الفرق بين كلمة (البعل والزوج) والفرق بين (الولد والغلام) والفرق بين (الواو) و(الفاء) وهكذا.

– أعتقد أن إعجاز القرآن البلاغي كان يكفي قريشا ليعلموا أن محمداً – صلى الله عليه وسلم – نبي يوحى إليه، كما قال الوليد بن المغيرة عندما طلب إليه أبو جهل أن يقول شيئا سيئا عن القرآن: «وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه يحطم ما تحته»، بهذه الكلمات الصادقة وصف هذا الكافر القرآن الكريم، وهو الآية التي أيد بها رب العالمين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بها، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» (متفق عليه).

– لا شك أن القرآن أعظم الآيات التي أرسلها الله إلى البشر؛ فهو كلامه -عز وجل- وهو باق إلى يوم القيامة ولكن دعنا نستعرض آيات الأنبياء.

– قبل ذلك لنقرأ شرح الحديث.

– لك ذلك؛ فالأجهزة الذكية تسهل عملية البحث سريعا، وبالفعل لحظات وكانت نتيجة البحث بين أيدينا.

«أعطي من الآيات أي المعجزات وخوارق العادات، والمعنى أن كل نبي قد أعطي من المعجزات ما إذا شوهد واطلع عليه دعا الشاهد إلى تصديقه؛ فإذا انقطع زمانه انقطعت تلك المعجزة».

– كلام جميل، وهذا يبين جانبا من تميز معجزة رسول الله محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وسلم – بأن معجزته لم تنته بانتهاء زمانه، ولن تنتهي حتى نهاية الدنيا، وقيام الساعة.

– ماذا عن معجزات الأنبياء؟

– أما رسول الله نوح -عليه السلام- فكانت آيته السفينة، كما قال -سبحانه وتعالى-: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} (العنكبوت:15)، وكذلك في قوله -تعالى-: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} (الفرقان:37), والمعجزة في ذلك أن السفينة أبحرت في مياه تتلاطم أمواجها، دون أن تتحطم أو تغرق، ولم ينج من أهل الأرض إلا من كان على ظهر تلك السفينة! مع أن السفينة صنعها نوح من خشب، وكان قومه يسخرون منه.

{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)} (هود)، {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42)} (هود).

أما نبي الله صالح، فقد أوتي (الناقة)، وهي ناقة أخرجها الله -سبحانه وتعالى- من الصخر بعد أن طلب قومه منه آية لإثبات نبوته وصدقه في الدعوة إلى توحيد الله.

كما قال -تعالى-: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)} (الأعراف)، وفي سورة الشعراء يقول -تعالى- {قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156)} (الشعراء)؛ فعقروا الناقة؛ فأهلكهم الله -عز وجل- بصاعقة وصيحة فكانوا كهشيم المحتظر.

– غريب أمر هؤلاء القوم، يطلبون الآية ثم يكفرون بها.

– وهذا ما حدث مع النبي – صلى الله عليه وسلم .

– ماذا تعني؟

– عندما طلب كفار قريش من الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يقلب لهم الصفا ذهبا، وهو حديث صحيح عند أحمد وفي المستدرك والسلسلة الصحيحة الترغيب والترهيب.

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قالت قريش للنبي – صلى الله عليه وسلم -: ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا، وأن ينحي الجبال عنا فنزدرع فإن فعلت ذلك آمنا بك واتبعناك وعرفنا أن ما قلت كما قلت، قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم، فدعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأتاه جبريل، فقال: إن ربك -عز وجل- يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت آتيناهم ما سألوا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابا لا أعذبه أحد من العالمين، وأهلكوا كما أهلكت من قبلهم، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة، قال: بل باب التوبة والرحمة»، فأنزل الله -عز وجل- هذه الآية: {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)} (الإسراء).