من آيات الله الكونية الواضحة للعيان، تقلب الليل والنهار، وطول أحدهما مع قصر الآخر، وتقلب الأحوال الجوية من برد: وحر، ورياح، وأمطار، وجفاف، وصقيع، الكون كله في حركة دائمة دقيقة متقنة بأمر الخلاق العليم -سبحانه وتعالى.

– هل من أسماء الله الحسنى (الخالق) أم (الخلاق)؟

– كلاهما من الأسماء الحسنى، وكلاهما ورد في كتاب الله -عز وجل-؛ فيقول -عز وجل-: {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل}(الأنعام: 102)، {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}(الرعد: 16)، {يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}(فاطر: 3)، {الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل}(الزمر: 62)، {ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}(غافر: 62).

     وورد اسم الله (الخلاق) في قوله -تعالى-: {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل إن ربك هو الخلاق العليم}(الحجر: 85-86)، {أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم}(يس: 81).

ولو تدبرنا هذه الآيات لعرفنا متى يرد (الخالق) ومتى يرد (الخلاق).

     كنت وصاحبي (بوعبدالله) في جلسة صباحية على كرسي قبالة البحر، في جو الشتاء الدافئ، نحتسي قهوة طازجة، أعدها هو بنفسه باستخدام جهاز جديد اقتناه منذ فترة بسيطة، و(بوعبدالله) من الأشخاص الذين يهتمون كثيرا بطريقة إعداد القهوة، ومن المستحيل أن يشرب القهوة سريعة الذوبان التي أشربها يوميا!!

– (الخلاق) على وزن (فعال)، وورد مقترنا بـ(العليم) ومع ذكر خلق السموات والأرض، وذلك لبيان عظم هذه المخلوقات، وأنها من أعظم ما خلق الله، وهي أعظم من خلق الإنسان، كما قال الله -تعالى-: {لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون}(غافر: 57).

أما (الخالق) فورد في عموم خلق الله، أنه -سبحانه- (يخلق ما يشاء)، و(خالق كل شيء)، وخلقه -سبحانه- بكلمة (كن)، والله أعلم.

– ومن صفات الله -سبحانه- أنه أتقن كل شيء {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون}(النحل: 88)؛ فنقول: {سبحان الذي أتقن كل شيء}، وليس من أسمائه (المتقن)، وفي الآية أن الجبال (صنع الله)؛ فنقول: -سبحان- من (صنع الجبال)، وليس من أسمائه (الصانع)، وهكذا ينبغي أن نتدبر هذه الآيات التي ترد فيها صفات الله -عز وجل- ونعرف الصفات العلا، والأسماء الحسنى. ولكن الأسماء والصفات، كلها يجوز أن ندعو الله بها، ونحلف بها.

– بالطبع يجوز الحلف بأسمآء الله وصفاته جميعا، والدعاء بأسماء الله وصفاته جميعا، وربما يدعو الإنسان بألفاظه هو، مثلاً: يدعو (يا من ينصر المظلومين)، و(يا من يقصم الظالمين)، و(يا من يرزق خلقه بغير حساب)، و(يا من يجيب المضطر إذا دعاه)، و(يا من يكشف السوء عمن رجاه). وهكذا يستطيع العبد أن يدعو بما شاء من صفات الله -عز وجل- بما يناسب حاله ويلبي حاجته لله -عز وجل- وفي الحديث: «اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم» صححه الألباني. ولكن ينبغي أن ينتبه المرء ألا (يؤلف) صفات لله من عنده، وأن ينزه الله -عز وجل- من سفاسف الأمور وتوافهها ومستقذراتها، وإن كانت حقا. مثلا: لا يقول: (يا من خلق الخنزير)، و(يا من أوجد القذر)، تعالى الله -سبحانه عز وجل- أن يدعوه بما قذر وقبح.

– سبحان الله وبحمده، سبحانه الله العظيم.

– دعني أذكر بعض ما يمكن أن يدعو به الإنسان مما ورد ذكره في كتاب الله، مثلاً: يدعو فيقول: «يا من أغرق فرعون في اليم وخسف بقارون الأرض»، و«يا من أنجى موسى من الغرق»، و«يا من رزق زكريا الذرية على كبر».

– قاطعته.

– نعم يجوز أن يدعو بكل ما ورد في كتاب الله، ولكن الأولى أن يلزم المسلم (جوامع الكلم) في دعائه، ولا حاجة إلى تفصيل التفصيل وإن كان حقاً، والرسول صلى الله عليه وسلم علمنا جوامع الدعاء؛ ففي طلب المغفرة: «رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، «رب ظلمت نفسي وإن لم تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين»، «أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه»، «اللهم أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك وأعترف بذنوبي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، وفي طلب الجنة «اللهم إني أسألك الجنة» سبع مرات في اليوم، وفي الاستعاذة من النار «اللهم أجرني من النار» سبع مرات في اليوم، وهكذا يعود المرء نفسه أن يدعو الله بهذه الصيغ الجامعة؛ فإنها أبلغ وأقرب إلى الإجابة من التفصيل وتفصيل التفصيل الذي يكرره بعض الأئمة، ولاسيما في دعاء القنوت في رمضان.