استكمالاً للحديث الذي دار بيني وبين مرشدي السياحي في طريقنا إلى كولومبو حيث سألني – أنت مسلم؟ وتتبع محمداً؟

– نعم، رسولنا هو محمدصلى الله عليه وسلم، وقد أرسل إلى العرب أولاً، ولكن رسالته إلى جميع البشر.

– متى ولد محمد؟

– سنة (570) بعد الميلاد.

– بوذا ولد (560) تقريبا، ولكن قبل الميلاد، بينهما أكثر من (1000) سنة.

– ولكن بوذا لم يكن نبيا مرسلا من عند الله.

– نعم، كان من عائلة مالكة ثرية، ثم ترك حياة الثراء والبذخ وأخذ يبحث عن الحقيقة.

– هذا الذي أريد أن أصل إليه، أن الإنسان مهما بلغ من الحكمة والذكاء لن يصل إلى الحقيقة التي يريدها الله، ولا إلى الطريقة الصحيحة لعبادة الله، وكل من يحاول أن يصل باجتهاده، فإن ينشئ ديناً وطريقة لا توصله إلى رضا الله سبحانه.

مثلا هؤلاء الناس الفقراء يبذلون أموالهم ويتكبدون عناء السفر لأجل أن يأتوا إلى هذا المعبد الذي فيه (ضرس) من بوذا ويدعون ويسجدون ويتضرعون ويؤمنون أن هذا ينفعهم، و(بوذا) مهما بلغ من الحكمة والصفاء والنقاء يبقى بشراً، فقد مات عام (480) ق. م. تقريبا عن ثمانين سنة، ومن المفترض في الخالق أنه (حي لا يموت).

– لم يزعم أحد أن بوذا إله.

– ولكن أتباعه يسجدون للتماثيل التي تمثله، وتقدم له القرابين، ويسألونه ويرجونه ويتضرعون إليه، وهذه كلها عبادات لا ينبغي أن يفعلها الإنسان إلا لله وحده، هذا الذي أريد أن أصل إليه أن عقيدتي أن الله وحده هو الذي يجب أن تصرف له العبادات جميعها؛ لأنه وحده -سبحانه- الذي يملك الضر والنفع والرزق والخير، والموت بيده -سبحانه- هو الذي كتب الموت على البشر، وهم جميعاً يموتون وهو وحده حي لا يموت -سبحانه- ثم هناك بعث للجميع، كل من يموت سيبعث في يوم ما، نسميه يوم الجزاء (يوم الدين) لينال كل أحد جزاءه على عمله في الدنيا.

– الاعتقاد في أشخاص طيبين صالحين زاهدين، هل هذا يناقض الإيمان بالله؟

– إذا كان ما يفعله الإنسان لهؤلاء الصالحين؛ هو ما يجب أن يفعله لله وحده، نعم، وهذا ما يحصل عند كثير من البشر حتى عندنا في بلاد المسلمين، منا من يعتقد بأناس صالحين؛ فيذهب إلى قبورهم ويدعوهم، ويتقرب إليهم، وينذر لهم، بالطبع لا أحد يقول: إن هؤلاء آلهة، ولا أحد يقول: إنه يعبد هؤلاء من دون الله، ولكن هذه العقيدة بأن هؤلاء الأموات الذين في القبور ينفعون، ويقربون العبد من الله ويقضون الحاجات، ويشفون المرضى بإذن الله، هذه العقيدة شرك، تبطل عبادة البشر.

– هنا البشر لا يذهبون إلى قبور الصالحين، وإنما يذهبون إلى تماثيل نصبت ونحتت لتمثل الصالحين، أو تمثل من يعتقدون فيهم وماتوا منذ زمن طويل، ولذلك ترى لبوذا تماثيل كثيرة، أغلبها وهو جالس متربعا جلسة التأمل، وبعضها قائم على رجليه، وبعضها مضطجع على جنبه، وأظنك تعلم أن له تمثالاً نائماً أيضاً.

– نعم، أعلم ذلك، ومعظم هذه التماثيل حفرت في الجبال أو نحتت مستقلة عن كل شيء، وتكون عادة ضخمة جدا، وتكلف أموالا باهظة من أقوات الناس، أو تبرع الأثرياء، وفي النهاية هو حجر لا يسمع ولا يرى ولا ينفع ولا يضر؛ لأنه حجر ولو أقدم أحدهم على كسره لم يعقل شيئا.

– لقد ذكرتني بالتماثيل التي نسفها جماعة طالبان في أفغانستان، نعم لم تفعل شيئاً.

للحديث بقية إن شاء الله