استكمالاً لما سبق الحديث عنه في معتقد النصارى وقصة جمال الدين، حدث أن التقيت شابا مصريا يعمل في شركة أمريكية، قال لي لقد تعلمت الإسلام، واطمأن قلبي، والحمدلله أسلمت، وها أنا ذا في الكويت أمارس شعائر دين الله كافة ولكن لدى بعض المسلمين شعائر تشبه هذه من ضرب الظهور بالسلاسل، وسفك دماء الرأس بالسيوف أو بآلات حادة، يفعلونها تقربا إلى الله تعالى.

-أعلم ذلك، وأشعر بالأسف لهم، إن جمال الإسلام تجده في كل جانب من جوانب التشريع، ومن أبسط هذه القواعد: {مَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر:7)، لقد تعلمت أول ما تعلمت الإسلام، أنك لا تتقرب إلى الله وفق هواك وما تراه أنت صحيحا، وإنما تتقرب إلى الله بما شرع الله، والذي شرعه الله بيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالعبرة دائما بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما فعله الصحابة الذين كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكل شيء جديد في العبادة لم يفعله ذلك الجليل فليس من الدين، هذه القاعدة سهلت عليّ تعاليم الإسلام، بمعنى أنني قبل أن أفعل أي عبادة أو أمارس أي شعيرة يجب أن أسأل: هل ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل فعلها الصحابة؟ إذا كانت الإجابة (نعم)، فعلتها، وإذا كانت الإجابة (لا) لم أفعلها، قاعدة سهلة يسيرة.

– وماذا إذا عملت شيئا وأقرك عليه من هو أعلم منك، أو ولدت في بيئة تعمل هذا الشيء ومنذ صباك وأنت تراهم؟.

– هذا ما حصل معي بالضبط لقد نشأت في بيئة يؤمنون بتعذيب الجسد لأجل تطهير النفس، ونيل رضا الرب، ولقضاء الجاجات، وإظهار الولاء للمسيح، يعذبون أنفسهم بجلد الظهور بالسلاسل، ودق المسامير في الأيدي والأرجل للصلب على صلبان خشبية، وفطرتي رفضت هذه القضية، بدأت أبحث عن الحق، لم أترك هذه المظاهر فحسب، وإنما غيرت عقيدتي من النصرانية إلى الإسلام، ولأكون صادقا معك، لا أستوعب كيف يقلد بعض المسلمين منهج آبائهم وأجدادهم تقليدا أعمى، مع أنهم يقرؤون العربية وهي لغتهم الأولى، كيف لهم ألا يطلعوا على ما يكتبه العلماء من هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟! أظن أن هؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (الكهف:103-104).

ما إجاباتهم على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»؟ (متفق عليه).

– أنا لا أحفظ الكثير من الآيات، ولا الكثير من الأحاديث ولكن تعلمت قواعد أساسية منذ دخلت الإسلام؛  تعلمت أخطر قضية يمكن أن يقع فيها الإنسان وهي الشرك حتى أتجنبها، كل ما هو شرك، تركته، سواء بالألفاظ أم العبادات، أم الأعمال، ثم تعلمت ألا أتقرب إلى الله بما لم يشرع؛ لأن هذا بدعة، والبدعة لا تزيد العبد إلا بعدا عن الله، والشيطان يحب للعبد أن يقع في البدع أكثر من حبه أن يقع في المعاصي؛ لأن البدع في الدين توهم الإنسان أنه يتعبد الله، وهو في الواقع يزداد بعدا من الله.

كنت أستمع باهتمام لهذا المسلم الجديد، وكيف تأسس بطريقة صحيحة في الإسلام، سألت الله له ولي الثبات، والهداية لأولئك الذين يجلدون أنفسهم تقربا إلى الله تعالى.

وللحديث بقية