بعد أداء صلاة الظهر في مسجد الجامعة، وفي طريق عودتي إلى المكتب سلم عليّ شاب ذو ملامح شرق آسيوية، لم أعرفه.

– أنا الفني الجديد في القسم، ومع أنك لا تعرفني إلا أنني أعرفك؛ فقد حرصت على معرفة أسماء أعضاء هيئة التدريس جميعهم في القسم، ولا سيما المصلين منهم.

– أهلا وسهلا.

كنا نتواصل بالإنجليزية.

– أنا اسمي (جمال الدين)، هذا الاسم الذي أحب أن أنادى به، واسمي الرسمي، الذي يعرفني الجميع به هو (فليب)، قدمت إلى الكويت منذ ثلاث سنوات، عملت في إحدى شركات التكييف، ثم انتقلت إلى الجامعة منذ خمسة أشهر، أعمل على صيانة الجهاز الجديد في المختبر.

– وما قصة إسلامك يا (جمال الدين)؟

– ابتهج لسؤالي ولم يخفِ ذلك.

– أنا سعيد جدا أن سألتني هذا السؤال، أنا من قرية اسمها (مابالاكا) شمال الفلبين، عندنا في هذه القرية وقرى أخرى كثيرة ومدن صغير جميعنا كاثوليك. عندنا طقوس هي التي جعلتني أغير عقيدتي وأعتنق الإسلام.

وما هذه الطقوس؟.

كنا قد وصلنا إلى مفترق طرق، بين المختبرات ومكاتب أعضاء هيئة التدريس، رافقته إلى مكتبه في المختبرات.

– لدينا فترة صيام تعقبها (جمعة الآلام) أو (الجمعة العظيمة)، وتسمى أيضا (الجمعة السوداء والجمعة المقدسة، والجمعة الحزينة)،

 وتتزامن مع عيد الفصح عند اليهود.

قاطعته..

– اسمح لي، بشرح هذا الأمر بشيء من التفصيل؛ فإني لا أعلم شيئا عن تفاصيل النصرانية.

ابتسم لطلبي.

– فترة الصيام لدينا تمتد لخمسة وخمسين يوما، وبعده يبدأ أسبوع الآلام، الذي ضمنه الجمعة العظيمة، وتوقيت هذه الجمعة يختلف من عام إلى عام، فهو يوم الجمعة الذي يسبق الأحد بعد ظهور بدر الربيع، ويكون في إبريل؛ ففي هذا العام 2017 كان 14/4/2017 وأسبوع الآلام هذا يبدأ من يوم السبت، ويسمى سبت (عازر)، وأحد (السعف)، وأثنين (البصخة)، وثلاثاء (البصخة)، وأربعاء (البصخة)، وخمس العهد (العشاء الأخير)، والجمعة (العظيمة)، (موت المسيح)، ثم سبت (الفرح)، وأحد (القيامة).

     في هذا الأسبوع يعذب الكاثوليك عندنا أنفسهم، يمشون في الشوارع يضربون ظهورهم بالسلاسل، ويحملون صلبان الثقيلة العظيمة الحجم، ويدعون الآخرين يضربونهم ويفعلون بهم ما شاؤوا، إلى أن يصل بعضهم إلى صلب أنفسهم، فيثبتون أيديهم وأرجلهم بمسامير على صلبان خشبية ويرفعونها ويبقون مصلوبين في جمعة الآلام، وذلك تكفيرا لذنوبهم، وتقربا إلى الله، وطلبا لقضاء حاجاتهم، مثلا من كان له شخص عزيز عليه مريض مرضا شديدا فإنه يعذب نفسه رجاء شفاء مريضه، ومن كان يريد أن يطهر نفسه فإنه يضرب نفسه بالسلاسل أمام الناس ليتطهر من ذنوبه، وهكذا، طقوس فيها من سفك الدماء وجلد البدن، ما جعلني أفكر لماذا يريد مني الرب أن أعذب بدني ليغفر ذنبي؟! ولماذا يسمح الرب بصلب (ابنه) لأجل ذنوب البشر؟.

وللحديث بقية