أشار علي أكثر من صديق من المتابعين لكتاباتي في الأسماء الحسنى، أن أكتب شيئا مختصرا عن الدعاء بالأسماء الحسني، تحت عنوان.

– ولكن الغاية من تتبع الأسماء الحسنى ليس الدعاء بها فحسب، بل الغاية الأولى والكبرى هي معرفة أسماء الله، وزيادة التعرف على الله، وهذه أعظم أسباب الإيمان والعقيدة الصحيحة في الله عز وجل، ثم بعد ذلك ندعو الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، الثابتة في الكتاب والسنة.

كنت وصاحبي على متن الطائرة في طريقنا إلى عمان (الأردن) لزيارة صديق لنا، ولإتمام صفقة شراء مزرعة زيتون اشتراها صاحبي.

– ولكن الله يقول: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}(الأعراف: 180)، فكأن الدعاء يكون بالأسماء الحسنى أمرا من الله عز وجل.

– أولا: {ولله الأسماء الحسنى}، مذكورة في أربع سور من القرآن، الآية (180-الأعراف)، والآية (110-الأسراء)، والآية (8-طه)، والآية (24-الحشر)، تبين أن {الله الأسماء الحسنى}.

في التفسير نقاط عدة سأوجزها هنا:

لله أسماء وهي توقيفية، بمعنى لا يجوز أن نسمي الله باسم لم يسم به نفسه سبحانه وتعالى.

– أسماء الله، كلها كاملة تدل على المدح.

– أسماء الله دالة على الصفات وليست أعلاما محضة.

– من الإيمان بالله الإيمان بأسمائه جميعها، وما تدل عليه من الصفات.

قاطعني:

– قبل أن تسترسل بالحديث: «ماذا تعني بقولك: إن أسماء الله تدل على صفات وأن هذه الصفات كمال ومن كل صفة أكملها؟».

ضعت بين كلمات هذه العبارة.

– أسماء الله -عز وجل- ليست أعلاما محضة، مثلا نحن البشر منا من اسمه (سعيد) وقد يكون (أتعس الناس)، ومنا من اسمه (محبوب) وقد يكون (أبغض الناس)، ومنا من اسمه (علام)، وقد لا يحسن القراءة والكتابة، أما أسماء الله -عز وجل- فهي أعلام دالة على صفات الكمال؛ فمن أسمائه (العليم)، يعلم كل شيء، وأحاط علمه بكل شيء، ولا يغيب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا فيما مضى ولا ما سيأتي ولا ما لم يقع، له (كمال العلم)؛ لأنه (عليم)، ومن أسمائه (العليم)، وهكذا في سائر الأسماء.

– وماذا عن الدعاء بالأسماء الحسنى؟!

– أغلب ما ورد في كتاب الله من أدعية سواء أدعية الأنبياء والرسل أم الملائكة أم الصالحين، تبدأ بـ(اللهم) أو (ربنا)، أي بلفظ الجلالة (الله) أو اسم الله (الرب)، وتنتهي بما يناسب موضوع الدعاء، وهذه تكاد تستغرق جميع الدعاء وحتى الأدعية الصحيحة التي وردت في السنة تبدأ بـ(اللهم)، أو (ربنا) للجمع أو (رب) للمفرد، هذا في دعاء المسألة (الحاجة)، أما دعاء العبادة فأذكاره ثابتة في السنة الصحيحة.

– ها أنت ذا تضيعني مرة أخرى، ماذا تعني (بدعاء المسألة) (الحاجة) ودعاء العبادة؟

– دعاء المسألة (الحاجة)، هو أن تدعو الله حاجة تريدها، مثل تنفيس كربة، شفاء مريض، رزق طفل، تفريج كربة، رفع بلاء، مغفرة ذنب، قبول توبة.

– هذه سهلة و(دعاء العبادة).

– دعاء العبادة هو (الذكر) عموما مثل أن نقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، ومثل أن تقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، ومثل أن تقول «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم»، وهذا يسمى دعاء العبادة.

لنرجع إلى موضوعنا.

– أكثر أدعية القرآن والسنة تبدأ بقولنا (اللهم) أو (ربنا)، مثل: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، ومثل: {ربنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}، ومن السنة: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» متفق عليه، ومثل: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى» (مسلم)، ومثل: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني» (مسلم)، وهكذا.

وإذا أردت أن تدخل شيئاً من الأسماء الحسنى في دعائك فاختر ما يناسب الدعاء.

مثلا: «اللهم اغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم».

«ربِّ تب عليَّ وارحمني إنك أنت التواب الرحيم».

«اللهم انصرني على من ظلمني فإنك نعم المولى ونعم النصير».

«رب إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي فانصرني إنك أنت القوي العزيز».

«اللهم لا يعلم بفقري وحاجتي سواك فارزقني إنك أنت الغني الكريم».

أو غيرها من الأسماء الحسنى، تختار ما يناسب حاجتك من الأسماء الحسنى الصحيحة فهذه فائدة أخرى من معرفة الأسماء الحسنى ودراستها، أن تختار الاسم الصحيح لله فتدعوه بهذا الاسم، وبالطبع لك أن تختار من صفات الله عز وجل، مثل (أرحم الراحمين)، (خير الرازقين)، (مالك الملك) وغيرها من الصفات الصحيحة الثابتة لله عز وجل.

– جميل، ما تقول زادك الله علما؟

– دعني أختم بملاحظة قرأتها في التفسير متعلقة بالآية من سورة الأعراف، في الآية التي تسبق آية الأسماء الحسنى، يذكر الله -عز وجل- صفة أهل النار فيقول سبحانه.

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴿١٧٩﴾وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأعراف:179-180).

فقد وصف -سبحانه- أهل النار أنهم {هم الغافلون}، ثم ذكر الأسماء الحسنى، فكأن (الغفلة) موجبة لدخول النار وذكر الله -عز وجل- مخلص من عذاب جهنم.

وكذلك من دعا الله بغير أسمائه الحسنى فقد ألحد في أسمائه ومن صرف المعنى على غير ما يريد الله فقد ألحد في أسمائه وأختم بأن الأسماء الحسنى، تدل على عدم افتقار الله -عز وجل- إلى شيء، وثبوت افتقار كل شيء إليه سبحانه وتعالى.