(أبو سليمان) من أهل الصف الأول لكل صلاة، بل ومن المكثرين في حفظ كتاب الله، يتقدم للصلاة إذا تغيب إمامنا، ابتلاه الله بمرض استدعى سفره أكثر من مرة لأكثر من دولة للعلاج.

كنا نتواصل عبر المكالمات المجانية.

– أسأل الله الشافي أن يعجل بعافيتك، وأن ترجع إلينا قريباً.

– هل مازلت تعطي دروسا في الأسماء الحسنى؟!

– كلا، لقد توقفت منذ رمضان الماضي، وبدأت أجمع الأسماء الحسنى التي لم ترد في القرآن، وإنما ثبتت في السنة.

– هل (الشافي) من الأسماء الحسنى؟

– نعم، وإلا لما استخدمته في الدعاء لك.

– هذا ظني بك، زودني من معاني هذا الاسم (الشافي).

– أولاً: ثبت هذا الاسم من الأسماء الحسنى في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ففي البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان إذا أتى مريضاً أو أُتي به قال: «أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي لاشفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً»؛ ففي هذا الحديث دعاء الله باسمه (الشافي)؛ ذلك أنه -سبحانه- هو الشافي على الإطلاق، ولا ينبغي استخدام هذا اللفظ على العموم إلا مع الله، كما في قوله -تبارك وتعالى-: {وإذا مرضت فهو يشفين}(الشعراء: 80)، وهذا الاسم لله -عز وجل- فيه دعوة صريحة إلى التعلق بالله وحده ولا أحد غيره حال المرض، والعلم يقينا أن الدواء ما هو إلا سبب؛ فلا ينبغي التعلق بالمشفى والدواء والمعالج، مع أننا كثيرا ما نقول: «كان شفائي عند هذا الطبيب»؛ و«أن هذا الدواء شفاني بسرعة».

وهذه أخطاء في الكلمات حرص النبي صلى الله عليه وسلم  على تصويبها؛ ففي السلسلة الصحيحة عن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له أبي: أرني هذا الذي بظهرك، فإني رجل طبيب، فقال له الرسول[: «الله الطبيب أنت رجل رفيق طبيبها خالقها»؛ فلا ينبغي إطلاق (الشافي) إلا على الله، حتى في الرقية الشرعية لا ينبغي أن يتعلق القلب بالراقي، وهذا للأسف منتشر أيامنا هذه، يتعلقون بالرقاة، والأطباء مع أنهم مجرد أسباب يجب أن يبذلها العبد لينال الشفاء كما الدواء، وإلا فالشافي هو الله -سبحانه وتعالى-.

– كلام جميل، أحتاج إليه ويحتاج إليه كل مريض، مع أننا نعرفه، ولكن الذكرى تنفعنا لتذكير قلوبنا.

– وأنت تعلم الحديث بالأمر بالتداوي، عن أسامة بن شريك، قال: قالوا: يارسول الله أفنتداوى؟ قال: «نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء الهرم» وفي رواية «السام» (الموت)، وفي الحديث: «من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض» صححه الألباني.

وفي سنن أبي داود وصححه الألباني من حديث ابن مسعود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «إن الرقي والتمائم والتولة شرك، فقالت له زوجته: لم تقول هذا؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني، فإذا رقاني سكنت، فقال عبدالله: إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقاها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما» صحيح الجامع.

كان صاحبي ينصت على الجانب الآخر من الهاتف، سألته: هل أتركك لترتاح؟

– كلا، أنا بخير ومستمتع بالحديث معك.

– إذا دعني أقرأ لك هذا الحديث.

عند مسلم من حديث صهيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت، فابعث إلي غلاما أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه، فسمع جليس للملك كان قد عمى، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما ها هنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله؛ فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص، وتفعل وتفعل، فقال: إن لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله».