– هذه قضية لا يترتب عليها شيء واختلف فيها السلف منذ العهد الأول، فابن عباس قال: إن الرسول [ رأى ربه ليلة المعراج، وعائشة أم المؤمنين قالت: لم ير الرسول [ ربه، ولكل فريق دليله.

– وأنت ماذا تقول؟

– وهل لي أن أقول بعد قول العلماء؟! لن أخبرك برأيي، ولكن دعني أرد لك أدلة هؤلاء وهؤلاء، ثم انظر أيهما أقرب.

عن عكرمة: سئل ابن عباس – رضي الله عنهما – هل رأى محمد [ ربه؟ (يعني ليلة الإسراء) قال: نعم. والصحابي إذا أخبر عن قضية غيبية فإن قوله يأخذ حكم الرفع إلى رسول الله [، ثم إن قول ابن عباس فيه إثبات، أما الآخرون فقد نفوا وفي القواعد: الإثبات يقدم على النفي، ويقول النووي في شرحه لصحيح مسلم: «وذهب الجمهور من المفسرين إلى أن المراد أنه رأى ربه سبحانه وتعالى، ثم اختلف هؤلاء فذهب جماعة إلى أنه [ رأى ربه بفؤاده دون عينيه، وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينيه، قال الإمام أبو الحسن الواحدي، قال المفسرون: هذا إخبار عن رؤية النبي [ ربه عز وجل ليلة المعراج» وفي شرح ذلك «أن الله جعل بصره في فؤاده أو خلق لفؤاده بصرا حتى رأى ربه رؤية صحيحة كما يرى بالعين».

أما قول عائشة والفريق الذي يقول: إن الرسول [ لم ير ربه ليلة المعراج؛ فالحديث في مسلم عن مسروق يقول: كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة (مسروق) ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت ما هن؟ قالت: من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئاً فجلست فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل: {ولقد رآه بالأفق المبين} (التكوير: 23)، {ولقد رآه نزلة أخرى} (النجم: 13)، فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله [، فقال: «إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطا من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض». مسلم.

وكذلك حديث أبي ذر: «قال: سألت رسول الله [: هل رأيت ربك؟ قال: نور أنَّي أراه؟!» صحيح، قال الإمام أبو عبدالله المازري – رحمه الله -: الضمير في (أراه) عائد على الله سبحانه وتعالى، ومعناه: النور (الذي هو حجابه الله) منعني من رؤيته، وحديث «حجاب النور» ثابت في صحيح مسلم.

– أظنك أمسكت العصا من النصف، أعطني أداة أخرى أستطيع بها أن أرجح بين الرأيين.

– هناك قاعدة أننا نرجع الأمور إلى أصولها؛ فالأصل الذي يتفق عليه أهل السنة والجماعة كلهم، أن الله لا يرى في الدنيا رأي العين، ومن أراد أن يحيد عن هذا الأصل عليه بالدليل.

– كأنك ترجح أن الرسول [ لم يره ربه؟!

– لم أقل ذلك لأن العلماء ردوا على هذا الأصل بأن الرؤية لم تكن على الأرض ولم يكن الرسول [ بهيئته البشرية كما هو على الأرض، بل بهيئة عرج بها إلى السموات العلا حتى وصل إلى سدرة المنتهى، فهذا الأصل لا ينطبق هنا.

– إذاً ماذا تقول؟

– أقول: إن الاعتقاد بأحد القولين لا ينفي القول الآخر، ولا يترتب عليه عقيدة تزيد أو تنقص العبد يوم القيامة، إنها قضية ليست كقضايا أركان الإيمان، إن حصلت للنبي [ فقد رأى من آيات ربه الكبرى في تلك الليلة، ولأثبتها صراحة عندما سأله أبو ذر كما في صحيح مسلم، وإن لم تحصل فإن ذلك لا يقلل من عظم الآيات الأخرى التي رآها الرسول [ ومكانته العظمى عند الله تعالى.

احتار صاحبي ولم يعرف أي الرأيين أؤيد!

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-633.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]