– نعم جعل الله تعالى للرزق قوانين، لا تتغير ولا تتبدل، من اتبعها نال الرزق من الله تعالى، وذلك أن الله خلق الخلق وتكفل بالأرزاق كما في قوله: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} (هود: 6).

– وهل هذه القوانين واضحة بحيث يعرفها عامة الناس؟

– نعم.. إذا هم تدبروا كتاب الله، وأول هذه القوانين أن الرزق يحتاج إلى سعي وطلب، من أراد الرزق فعليه أن يسعى في طلبه، كما في قوله عز وجل: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} {تبارك: 15)، وكذلك: {فإذا قُضِيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} (الجمعة:10)، وكذلك: {إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق} (العنكبوت: 17).

فمطلوب من المسلم أن يسعى في طلب الرزق، ويعلم أن الرزق من عند الله؛ فيتوكل على الله في طلب الرزق كما أرشد الرسول[: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» (السلسلة الصحيحة).

سألني بطريقته المنطقية:

– وهل العملية مضمونة؟ أعني إذا فعل كذا حصل كذا؟

– نعم، وإذا تخلف الرزق فإن السبب تخلف شيء من أسبابه، وبالطبع هناك آداب تلازم العبد في طلب رزقه، مثلا يعلم يقينا أن الرزق بيد الله ينزله بحكمة على من يشاء.. أحياناً: {إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} (آل عمران:37)، و{الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم} (العنكبوت: 62)، فهو سبحانه الذي يوسع على من يشاء في الرزق، ويقدر على من يشاء، لا عشوائية في ذلك – تعالى الله عن ذلك – ولكن بناء على أنه: {بكل شيء عليم}، ويعلم العبد يقينا أن رزقه سيصل إليه فلا يستبطئ الرزق، ولا يطلبه بالحرام كما نبه النبي[: «لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له؛ فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال وترك الحرام» (السلسلة الصحيحة)، ولا يزدري نعمة الله عليه مهما قلّت: «انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» (مسلم).

– وإذا بذل الإنسان الأسباب، وأصابه الفقر؟

– يعلم أنه اختبار من الله؛ تكفيرا للذنوب، أو رفعا للدرجات، فإن الله يعطي الدنيا للمؤمن والفاجر والكافر، بل ربما كان حظ الكافر أكثر من حظ المؤمن، فلا يعترض المؤمن على منع الله: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهاننِ كلا…} (الفجر: 16)، بل يصبر المؤمن إذا ابتلي بالفقر، وينظر في نفسه إن كان تخلف عن بذل بعض أسباب طلب الرزق ويدعو الله صادقا.

– وهل للإنسان أن يسأل الله الدنيا؟

– وما العيب في ذلك؟! من كمال الدعاء: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} فلا عيب في طلب الرزق في الدنيا، بل قرنه الله بالجهاد في سبيله، كما في سورة المزمل: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله} (المزمل: 20).

فليس عيبا طلب الرزق، والمال فضل من الله يؤتيه من يشاء، والمال الصالح عون للعبد على طاعة الله، وإنما العيب أن يطلب المرء الرزق من حرام، أو أن يفتن بالرزق عن طاعة الله.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-631.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]