قرأ إمامنا من سورة يس.. الآيات (32-59) في صلاة الفجر.. قررت وصاحبي أن نتمشى بعد الصلاة:

– الآيات التي قرأها إمامنا مؤثرة جدا.. لمن تدبرها..

قاطعني:

– لمن تدبرها.. وقليل من يتدبر.. ولذلك نبهنا الله عز وجل إلى هذا الأمر وأمرنا به وحذرنا من عدمه.. {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (محمد:24).. ولكن هات ما عندك حول آيات سورة يس.

– هذه الآيات فيها تنبيه إلى بعض مخلوقات الله وبيان قدرة الله فيها.. إحياء الأرض بعد موتها.. والشمس والقمر.. والليل والنهار.. وبدأت بتنزيه الله (سبحان الله).. والإشارة إلى طبيعة جميع المخلوقات أنها أزواج.

– تعني قوله عزّ وجلّ.. {سبحان الذي خلق الأزواج كلها..} (يس:36)؟

– نعم.. وهنا يمكن فهم الآية بطريقتين.. الأولى: تنزيه الله عز وجل وأنه سبحانه خلق كل شيء أزواجل.. وهو جمع «زوج».. وهو ما له مثيل من جنسه أو صنفه.

– ولكن.. معظم ما جاء في ذكر الأزواج جاء في النبات: {وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} (الحج:5).. {فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى} (طه:53)، {وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم} (لقمان:10).

– هذا على الأكثر ولكنه يشمل كل شيء.. والمعنى الأوْل للآية من سورة يس.. أن الله سبحانه هو الفرد الأحد الذي لا زوج له ولا ند له ولا مثيل له.. وكل شيء آخر.. له مثيل.

زاد أن يقاطعني.. أستاذنته أن أكمل.

– فكل ما سوى الله عز وجل.. فهو زوج.. ولا فرد إلا الله عزّ وجلّ.. وهذا المعنى يتفق مع الآيات التي تثبت الفردية لله عز وجل وانتفاء الند: {ولم يكن له كفواً أحد} (الإخلاص:4) ولذلك بدأت الآية.. بـ«سبحان».. فهو عز وجل منزه عن أي مثيل.. عن ابن عباس ]: «الأزواج: الضروب والأنواع كالحلو والمر والأبيض والأسود والذكر والأنثى.. والفوق والتحت.. واليمين واليسار.. إلى غير ذلك».. وفي قول الله تعالى… {وآخر من شكله أزواج} (ص:58).. أي أصناف العذاب.. وفي قوله: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم} (الصافات: 22)، جمهور أهل العلم: «المراد به أشباههم ونظراؤهم، فعابد الوثن مع عابد الوثن والسارق مع السارق والزاني مع الزاني.. واليهودي مع اليهودي والنصراني مع النصراني وهكذا.. وإطلاق الأزواج على الأصناف مشهور في القرآن وفي كلام العرب..».

– هذا معنى جميل في وحدانية الله وتفرده.

– نعم.. وهو أسمى وأولى معنى يمكن تحقيقه من آيات الله عز وجل.. ولو أردنا ان نستفيد من هذا المعنى في التطبيقات العلمية أيامنا هذه يمكن أن نجزم بأن كل المخلوقات «أزواج» أو «ثنائية» أو لها «نظائر» سواء اكتشفنا هذا الأمر أو لم نكتشفه.. لأن المتصف بالفردية أنه «فرد لا مثل له».. هو الله ولا شيء سواه.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-632.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]