{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا} (فاطر: 42 – 43).

– هذه الآيات نزلت في مشركي العرب أنهم في يوم من الأيام أقسموا إن جاءهم رسول فسيكونون أهدى من اليهود والنصارى، فلما بعث فيهم الرسول[ ازدادوا بعدا ونفورا من الدين استكباراً، وأخذوا يمكرون بالرسول[ أو يزيدون في المعاصي والشرك.. وغفلوا عن أن المكر السيئ لا تكون عاقبته إلا على من مكر، هذا باختصار بيان هاتين الآيتين.

كنا في اجتماعنا نصف الشهري.

– هل هذه قاعدة: المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله؟!

– نعم.. هي إحدى سنن الله التي لا تتبدل، وتعلمون أن (المكر) هو التدبير بالخفاء لإيقاع الضرر بالآخر، كما قال تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (الأنفال: 30)، بل أخبر الله أن عادة الكفار أن يمكروا بأنبيائهم، فقوم نوح: {ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا} (نوح: 22)، {وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا} (الرعد: 42)، {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} (إبراهيم: 46)، {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين} (آل عمران: 54)، فهذا خلق الكفار جميعا يخططون بالخفاء لإيذاء رسل الله وأتباعهم، والله يحبط خططهم في الدنيا ويعذبهم بها في الآخرة، فلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

وقيل في المكر: إظهار الطيب وإبطان الخبيث، فالمكر السيئ عاقبته على صاحبه دائماً {ولن تجد لسنة الله تحويلا} (فاطر: 43).

– وما معنى (يحيق) لغة؟

– تقول العرب: حاق به المكروه، يحيق به حيقاً وحيوقاً، إذا نزل به وأحاط به، ولا يطلق إلا على إحاطة المكروه خاصة؛ فلا يقال: حاق به خير.

– وهل هذه القاعدة تطبق في كل زمان ومكان؟!

– طبعاً.. إحدى سنن الله الثابتة في خلقه، إذا مكر أهل الشرك بالمؤمنين الصادقين؛ فإن الله يحبط مكر هؤلاء ويحفظ عباده من مكرهم، وإن لم يحصل هذا الحفظ فهو سبب خلل عند هؤلاء، وإلا فسنن الله لا تتبدل، والمكر أحد ثلاثة أمور يرجع ضررها على صاحبها، أما الأمران الآخران فهما نكث العهد، والبغي: {ومن نكث فإنما ينكث على نفسه} (الفتح: 10)، {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم} (يونس: 23)، وبالطبع هذا لا يعني بذل الأسباب وأخذ الحيطة، كما قال تعالى مرشدا رسوله[: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} (الأنفال: 61).

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-627.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]