{كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى}..

       التقيت صاحبي بعد غياب ثلاثة أشهر.. كان حينها منكسر النفس شارد الذهن.. مكتئب الحال.. ذلك أنه خسر قضية مالية وجنائية في حكم أول درجة.. وكان مظلوما فيها.. كما أنه كان يعاني مشكلات صحية لم يعرف لها سببا.. قضيت معه أسبوعا بصفة يومية أخفف عنه ما كان يجد.. كان يحدثني عن عزمه التقليل من العمل للدنيا مع البرمجة للتوقف تماما بعد أربع سنوات عندما يبلغ الستين.. والإكثار من العمل للآخرة.. والاستعداد ليوم المعاد.

       عندما التقيته هذه المرة كان منفرج الأسارير.. مرتاح البال.. يتحدث بثقة وتفاؤل عن عزمه السفر إلى السويد لتوقيع عقد جديد مع شركة كبرى في مجال الاتصالات، وأنه سيوسع عمله ليشمل المغرب العربي بعد أن انتهى من أفريقيا.

– قلت في نفسي:

– سبحان الله.. هذا الذي كان قبل شهرين لا يريد الدنيا وكان يتضرع إلى الله عند بيته الحرام أن يخرجه من أزمته تلك.. وتذكرت قول الله تعالى: {فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون} (الزمر: 49).

– سأنتهي إن شاء الله من مراجعة الجزء الثاني من كتابي.. المراجعة النهائية ثم آخذه إلى المطبعة.. وسيظهر للقارئ بعد شهر إن شاء الله.

– وما فائدة أن يكتب الإنسان أو يقرأ بتعمق في قضايا  العقيدة ولاسيما في باب الأسماء والصفات؟ يكفينا معرفة معنى «لا إله إلا الله محمد رسول الله» والتوحيد والشرك.

استغربت مقولة صاحبي.. فأنا أعرفه لأكثر من عشرين سنة ولم يكن هذا رأيه.

– الفائدة.. أن نعرف الله كما أراد لنا ذلك سبحانه.. وكلما زادت معرفة الإنسان بربه زاد خشية منه.. وحبا له.. واعتصاما بحبله.. وتوكلا عليه.. وتمكنت العقيدة في قلبه وانعكس كل ذلك على تصرفاته في عباداته وأخلاقه.. وكان بإذن الله من الفائزين يوم القيامة.

– أظن أن الاكتفاء بما ورد في الكتاب والسنة من عموميات دون دخول في التفاصيل يكفي لنا نحن عامة الناس..

– بالطبع.. يكفي عامة الناس معرفة أصول العقيدة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر, وأن القضاء خيره وشره من الله.. وأركان الإسلام الخمسة.. والأخلاق الفاضلة.. ومن أراد المزيد فسوف يجازى بالمزيد يوم القيامة.. وطلب العلم خير عبادة وخير زاد، وأشرف العلوم علم التوحيد وخاصة الأسماء والصفات.. لأن شرف العلم من شرف المعلوم.. لماذا يلجأ أحدنا إلى الله.. يتضرع.. يدعو.. يرجو.. حال المصيبة.. وفي حال الرخاء يستكثر قضاء الوقت في طاعة الله؟!

حقا.. المصائب لابد منها لبعض الناس حتى لا يبتعدوا عن الله عز وجل.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-622.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]