– سورة قريش مكية.. آياتها أربع.. تأتي بعد سورة الفيل.. رغم قصرها فيها عبر عظيمة.. قال بعض المفسرين: «هي والفيل سورة واحدة» والجمهور على فصلهما رغم ما فيهما من تكامل في المعنى..

أما تفسيرها:

فـ «اللام» التي تبدأ بها السورة قد تكون متعلقة بالسورة قبلها، أي إن الله أهلك أصحاب الفيل لأجل (إيلاف قريش)… أو متعلقة بما بعدها عجبا (إيلاف قريش)، مشيرا إلى هذه النعمة العظيمة التي خص بها قريش.. وكانوا في ترحالهم آمنين سواء في اليمن في الشتاء أم إلى الشام في الصيف، فهم أهل الحرم {إيلافهم}… تأكيد للأولى… فقد ألفوا الرحلتين لزمن ينقلون البضائع التي تأتي من الهند وفارس.. إلى الشام وبلاد الروم وبالعكس.. وبعد أن بين هذه النعمة.. أمرهم أن يعبدوا {رب هذا البيت}… وذلك أنه ثبت لهم أنه «للبيت رب حماه».. ووجودهم حول البيت أعطاهم مزية على سائر العرب بل حمى كل من كان حوله وإن كان من غير أهله.. فالجميع مؤمن برب البيت.. فلماذا لا يعبدونه؟.. ثم فصل في النعمة الأولى بأنها وفرت لهم أساس البقاء.. {أطعمهم من جوع.. وآمنهم من خوف}… فهم في واد غير ذي زرع فالجوع مصيرهم الطبيعي.. ولكن بفضل رب البيت زال هذا التهديد.. وكذلك أتاهم الأمان.. فأصبحوا أعزة وفي رغد.. فلو لم يكن لرب البيت منة عليهم سوى هاتين النعمتين لوجب عليهم عبادته.. فكيف وقد أرسل إليهم رسولا.. منهم.. عرفوه لأربعين سنة.. تربى بينهم.. وترعرع مع شبابهم.. وكان الصادق الأمين عندهم.. أربعون سنة وهم يعرفون هذا النبي.. ويعرفون منشأه وخلقه وسيرته.. فأي عذر لهم ألا يعبدوا رب هذا البيت؟! نسوا أن عزهم وأمانهم وثروتهم كانت ابتداء من رب هذا البيت.. ولم تكن مهمة النبي [ – وهو رجل منهم – إلا أن يبين لهم كيف يعبدون رب هذا البيت… ولكنه الكبرياء والعناد.

كانت هذه – باختصار – الخاطرة التي ألقاها أحد أئمة المساجد بمناسبة ذكرى تحرير الكويت ويوم استقلالها.. بعد انتهاء الخاطرة – وكانت عقب صلاة المغرب – أدينا السنة وقررت المكوث في المسجد إلى صلاة العشاء.. شاركني المجلس (بومحمد):

– لقد كانت خاطرة طيبة من الشيخ.. وكيف أن الإنسان.. بل معظم الناس.. ربما يعرف الحق ولا يتبعه تكبرا وعنادا.. وقريش قالوا: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} (الزخرف: 31) ولا أظن أنهم صادقون في عذرهم.. بل الله رفض حجتهم هذه.. {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} (الزخرف: 32) فالأولى بقريش أن يعبدوا {رب هذا البيت}.. لمجرد أنه {أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.

– وماذا تعني (قريش)؟

– من (التقرش).. وهو التكسب والجمع والطلب أو لدابة في البحر يقال لها (القرش)… تأكل ولا تؤكل.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-621.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]