– لماذا تكثر من ذكر العذاب والنار وتخوف الناس من الآخرة، والله تبارك وتعالى عندما أرسل موسى إلى فرعون قال له: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} (طه: 44)؟

– لقد علم الله أن أنفع أسلوب مع فرعون (القول اللين) ولذلك أمر به موسى.

قاطعني:

– ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وكذلك أمرنا الرسول [ بالرفق: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه».

– كلام صحيح، ولكن الموضوع الذي تطرقت له هو العلة من إظهار الآيات للبشر، وذكرت قول الله تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} (الإسراء: 59)، في تفسيرها قال قتادة: إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يذكّرون أو يرجعون، وذلك أنه سبحانه وتعالى إذا أعطى قوما آية طلبوها – كما طلب أهل مكة من الرسول [ أن يقلب لهم الصفا ذهبا – ثم كفروا فإن الله يستأصلهم، وذكر مثالا لذلك ثمود قوم صالح، فإنهم كذبوا صالحا بعد أن أتتهم الناقة آية بينة، فظلموا بها.

– هل يريد الله منا أن نخاف؟

– نعم.. الله يخوفنا بالآيات، ويريد منا أن نخاف عذاب الآخرة كما قال تعالى: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} (ق: 45)، وقال عز وجل: {إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} (هود: 103)، والرسول [ ذكر لنا في الأخبار الصحيحة أنواعا كثيرة من العذاب، ابتداء من انتزاع الروح إلى ضمة القبر، إلى حياة البرزخ، إلى الموقف في المحشر، إلى عذاب الكذب، والزنى، والنوم عن الصلاة، ومنع الزكاة، وكنز الأموال، والتعامل بالربا، وظلم الناس، وأهوال كثيرة لأجل التخويف الحقيقي، وجاء في وصف المؤمنين: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} (النور: 37).

نعم يريد الله منا أن نخاف، نخاف غضبه، نخاف عذابه، نخاف ناره، وهذا الشعور – أعني الخوف – هو الذي يردعنا عن المعصية والتمادي فيما يغضب الله.

أظهر صاحبي موافقته على وجهة نظري.

– حقاً.. نحتاج أن نقوي شعور الخوف من الله في قلوبنا، حتى ننشط في طاعته ونبتعد عن معصيته؛ فلقد كان رسول الله [ أشد الناس خوفا من الله، وكذلك الملائكة من أشد الخلق خوفا من الله.

– هذا الخوف ينبغي أن يبنى على عقيدة صحيحة حتى لا يتحول إلى وساوس، خوف من العذاب، فامتناع عن المعصية، أو توبة بعد المعصية وإقلاع عنها مع الرجاء بالمغفرة، {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم} (الحجر: 49).

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-623.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]