– عندما يستعرض أحدنا أحاديث الإمامة، وهي بالمفهوم المعاصر شغل المناصب القيادية، وهي في الشريعة (تحمل الأمانة).. لا يملك إلا أن (يهرب) من تولي المسؤولية خشية المحاسبة يوم القيامة.. اسمع الأحاديث التالية:

– «ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور» السلسلة الصحيحة.

– «إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي؟ أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل فكيف يعدل مع أقربيه» السلسلة الصحيحة.

– «يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها» صحيح.

– «إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة وحسرة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة» الصحيحة.

– «يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم» مسلم.

قاطعني..

– وفي المقابل (الإمام العادل) في «السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» متفق عليه.

– وماذا قال [: «فكيف يعدل مع أقربيه»؟ ثم لماذا يتقدم المرء لتحمل مسؤولية ويلزم نفسه بمنصب يحاسب عليه يوم القيامة؟ كأن أحدهم يبحث عن أسباب للعذاب.

– ألم يسأل يوسف المسؤولية حين قال: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} (يوسف: 55).

– هذه الآية يحفظها كل من يتقدم لنيل منصب، ويغفل أن الله هو الذي أوصى إلى يوسف بأن يفعل ذلك!! فكيف يقارن هؤلاء رغبتهم بتحمل المسؤولية بمقولة يوسف – عليه السلام – المؤيد من الله؟!

لاشك أن لا حجة لأحد في هذه الآية، وهذا واضح بيّن من سيرة الصحابة والتابعين، فإنهم كانوا يرفضون، بل يفرون من القضاء والولايات، على عكس أحوالنا اليوم.

– وماذا لديك بعد في أحاديث الإمامة؟

– حديث عوف بن مالك يقول: سمعت رسول الله [ يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم» مسلم.

فيعجب المرء، كيف يرضى أمير قوم أن يبقى في منصبه وهو يعلم يقينا أن من يرأسهم يدعون عليه ليل نهار، بل ويظهرون له كرههم وبغضهم لبقائه.

قاطعني..

– ما معنى تصلون عليهم ويصلون عليكم؟

– أي تدعون لهم بالخير ويدعون لكم بالخير، فتكون محبة ومودة بين الحاكم والمحكوم على عكس الآخر.

– ألم ينه رسول الله [ أن يؤم أحد في الصلاة إذا كرهوا إمامته؟

– بلى.. ففي السلسلة الصحيحة: «ثلاثة لا يقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء ولا تجاوز رؤوسهم: رجل أمّ قوما وهم له كارهون، ورجل صلى على جنازة ولم يؤمر، وامرأة دعاها زوجها من الليل فأبت».

– هذا في إمامة الصلاة.. فكيف بالإمامة العامة؟!