{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} (آل عمران: 7).

– أعلم أن الآيات المحكمات هي الواضحة المعنى التي لا يختلف على معناها اثنان.. والمتشابهات: ما قد يختلف في تفسيرها.. ولكن تحدثني نفسي أحيانا.. لماذا أنزل الله المحكم والمتشابه؟ لو كانت الآيات كلها محكمة.. ألم يكن أبلغ في إقامة الحجة؟

وكلما حدثت نفسي بذلك قلت: أستغفر الله, وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم..

هكذا بدأ صاحبي حواره معي في (جلسة شاي) دعاني إليها في ديوانه بعد صلاة العصر، وتابع صاحبي حديثه:

– ثم هناك آية في أول سورة هود وصف فيها القرآن العزيز بأنه: {كتاب أحكمت آياته} (هود: 1)… وفي سورة الزمر: {كتابا متشابها} (23).

أبديت إعجابي باستعداد صاحبي:

– أرى أنك جمعت الآيات المرتبطة بالموضوع.

– لأنني منذ فترة وهذا الموضوع يشغلني.

– لنبدأ بوصف القرآن كله أنه محكم.. في أول سورة هود.. أي إنه حق لا عبث فيه ولا ريب ولا هزل {ذلك الكتاب لا ريب فيه} (البقرة: 2)، والآية من سورة الزمر أنه متشابه.. أي يشبه بعضه بعضا في الحق، ويصدق بعضه بعضا لأنه كله من عند الله، وكله كلام الله عز وجل فحمل ذات الصفة لأن الله عز وجل هو الذي تكلم به، فلا نقص ولا تناقض ولا ريب بل كله حق وكامل.

وأما معنى أن بعضه محكم وبعضه متشابه.. ففي تفسير البغوي: «سميت محكمات من الإحكام كأنه أحكمها فمنع الخلق من التصرف فيها لظهورها ووضوح معناها.. {هن أم الكتاب} أي أصله الذي يعمل عليه في الأحكام، وقال {أم الكتاب}, ولم يقل «أمهات الكتاب» مع أن المراد الآيات, لأن الآيات كلها في تكاملها واجتماعها كالآية الواحدة وكلام الله واحد, وقيل: كل آية منهن أم الكتاب»..

– فهمنا المعنى.. ولكن ما الحكمة؟!

– الحكمة واضحة.. تمحيص للناس.. {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}.. والذين في قلوبهم مرض في كل زمان ومكان.. منهم (الخوارج) الذين قالوا: «لا حكم إلا لله».. يحتجون بآيات من كتاب الله لتحقيق أهوائهم. قال الحسن: ومعنى ابتغاء الفتنة.. طلب الضلالة, فكان الذي طلبه هؤلاء إفساد ذات البين في الدين.. وهكذا كل فئة؛ ولذلك حذر الرسول [ من هذه الفئات: «فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم» متفق عليه.

فلا شك أن القرآن يمحص الناس ويبين المؤمن ممن في قلبه زيغ ومن في قلبه مرض, ولا ينتفع به إلا مؤمن.. متبع لأمر الله تعالى وأمر رسوله [.. عن ابن مسعود ] أن رسول الله [ قال: «فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا…» حسنه الألباني.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-601.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]