{الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور} (الملك: 2).

– وكيف يكون الموت مخلوقا؟

– الله خلقه.. و{الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل} (الزمر: 62).. فهو الذي خلق كل محسوس، وكذلك كل غير محسوس.. الطمأنينة والسعادة والحزن والخوف، كما الماديات، كذلك المعنويات خلقها الله.. عز وجل.

– وما الموت؟

– خروج الروح من الجسد.. وانفصالهما التام إلى يوم القيامة.

– وما معنى حديث جابر: «النوم أخو الموت» وهل هو ثابت؟

– نعم الحديث أورده الألباني في «السلسلة الصحيحة» وتمامه: «النوم أخو الموت، ولا يموت أهل الجنة» فهم لا ينامون.. والنوم فيه انفصال للروح عن الجسد.. بشكل ما.. ثم ترجع الروح، كما في قول الله تعالى.. {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} (الزمر: 42).

– هلا تحدثنا عن تفسير هذه الآيات.

كنت وصاحبي في نقاش (علمي)، ونحن في طريقنا لتعزية أحدهم بوفاة شقيقه.

– هنا يفرق الله عز وجل بين الوفاة والموت، كما في الآية الأخرى: {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون} (الأنعام: 60).

فالوفاة انتقال من حال إلى حال، والموت انفصال دائم للروح عن الجسد، فالنوم وفاة صغرى، والموت وفاة حقيقية أو كبرى.. وفي تفسير (الكشاف) أن النفس التي تتوفى في النوم هي نفس التمييز، أما نفس الحياة فإنها تبقى؛ ولذلك يبقى النائم يتنفس وينبض قلبه، وإن كان لا يميز شيئا، وهذا تفصيل جميل للتفريق بين الموتة الصغرى (النوم) والموتة الكبرى (خروج الروح).

– وماذا عن (وفاة) عيسى عليه السلام؟

– تعني قول الله تعالى.. {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا} (المائدة: 55)؟

– نعم هذه الآية.

– تعلم أن عقيدتنا أن عيسى لم يصلب ولم يقتل، يقينا دون شك: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم}، فمعنى (متوفيك).. (مُنيمك).. كما في قوله تعالى.. {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} (الأنعام: 60).

– وماذا عن الروح؟!

– {قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (الإسراء: 85)، هذه المخلوقة لا ينبغي أن نتكلم عنها إلا بدليل من كتاب أو سنة صحيحة؛ ولذلك لا اجتهاد في أمر الروح، ولا نعلم عنها إلا ما علّمنا الله في كتابه أو وصية نبيه [، فالروح تخرج من الجسد وتنفصل تماما عندما يحين الأجل ويأتي قضاء الله بموت الإنسان، وتتوفى ملائكة الموت بأمر سيدهم (ملك الموت)، بانتزاع الروح، وهناك أحوال لخروج أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين، وبين ذلك كثير، ثم تصعد إلى السموات.. يفتح لها أو تغلق دونها، فتكون في عليين.. أو أسفل سافلين، ثم ترجع بصورة ما إلى الجسد.. ليحاسب في القبر، ثم تكون في أحوال مختلفة حسب حال صاحبها، أما ما نعلم فإن أرواح المؤمنين «في أجواف طير خضر في الجنة» ابن ماجة (صححه الألباني)، وربما تلتقي أرواح الأموات بأرواح النيام، ويوم القيامة، تجمع جميع الأرواح في صُور فينفخ فيه فترجع كل روح إلى جسدها في القبر وتجتمع مرة أخرى ليقوم الناس للحساب، وفي الأمر تفصيل ليس هذا مكانه.

ولكن تبقى حقيقة لابد ألا نغفل عنها، وهي أن الموت حق على الجميع، ويأتي دون سابق إنذار، بأجل يعلمه الله؛ ولذلك ينبغي أن يسأل المرء ربه دائما.. (حسن الخاتمة).. و«ميتة سوية»؛ فإنه «يبعث كل عبد على ما مات عليه» رواه مسلم.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-597.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]