قد أفلح من زكاها… وقد خاب من دساها}.

– يقسم الله – عز وجل – في سورة «الشمس».. ثماني مرات على هذه القضية.. الفلاح مع التزكية والخيبة مع التدسية.

– هذا يزيد من أهمية المقسم عليه.

– لا شك.. أن يقسم الجبار ثماني مرات.. (الشمس – الضحى – القمر – النهار – الليل – السماء – الأرض – النفس).. على أمر ينبغي ألا يمر دون تدبر واعتبار.. (الفلاح) هو الفوز بكل مطلوب طيب.. و(دساها): أغواها.. نقصها وأخفاها بالفجور.. وأصله (دسّس)، وقيل: من (دس) شيئاً في كوة فيمنع وصول النور إليه، وكذلك الهوى والشهوة (سد) على القلب من نور الهداية.

– وماذا عن قوله {وما بناها}.. عن السماء؟

لا شك أن خلق السماء أمر عظيم.. وخلق السماء أكبر من خلق الإنسان ويلفت الله قلوبنا إلى عظمة هذا الخلق.. {وخلق السموات بغير عمد}.. وسواها.. فلا ترى فيها تفاوتا.. ولا فطورا.. أتقن صنعها.. وأحكم بناءها.. وفيها من الأمور ما لا يعلمه إلا الله.. وهي ظاهرة للعيان.. أمرنا الله أن ننظر إليها.. ونتفكر في عظمة خالقها.

قاطعني:

– ولكن يقولون: إن اللون الأزرق سببه انعكاس الضوء.. ذي الموجات الأخرى.. (الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر..) فلا يبقى إلا الأزرق.. وهو اللون الذي نراه.

كنت وصاحبي في جلسه استراحة في مكتبي بانتظار صلاة الظهر.

– هذا لا ينافي النظر إلى السماء.. والنجوم.. والقمر.. والشمس.. فالله – عز وجل – يقول: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم}.. فلو كان النظر إلى السماء غير ممكن لم نؤمر به لنتفكر ونتدبر ونعتبر.. وكذلك قالوا: إن النجوم التي نراها ليست هي حقيقة بل صورتها؛ لأن الضوء يحتاج إلى زمن حتى يصل إلينا.

الشاهد أن هذا المخلوق العظيم (السماء).. أقسم الله به.. وقال: «وما بناها».. الذي بناها.. أو ما بنى فيها.. أو: كيف بناها.

– وما مناسبة «ثمود»؟

– بعد أن ذكر الله – عز وجل – : (الفلاح .. والخيبة).. أعطانا مثالاً لمن خاب.. ثمود بتكذيبها رسولها.. وطغيانها عن أمر ربها.. بأن عقر الناقة أشقاها.. فالذي عقرها.. (دسَّى) نفسه.. وهذا أشقاهم مع أنهم جميعاً استحقوا العذاب لطغيانهم.. وهذا ومآل الأمة إن هي طغت.. الفرد إن أقدم على معصية الله ولو بإرادة الأمة ونزولاً عند رغبتها.. فآخر السورة مثال لأول السورة.. وإنذار أن (يدسِّيَ) المرء نفسه.