عندما يقسم الله – عز وجل – على أمر.. فاعلم أنه عظيم.

أقسم الله برب محمد[ .. على نفي الإيمان عمن لا يرضاه حكماً فيما اختلف فيه.. في سورة النساء قال – عز وجل – : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} (النساء: 65) فلا شك أن «شهادة أن محمدا رسول الله».. تقتضي الانصياع لأمره والرجوع إليه وارتضاء حكمه في كل ما يختلف فيه، ومن يخالف ذلك توعده الله – عز وجل -: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (النور: 63).

> وهل كل مخالفة للرسول[ لها ذات الحكم؟

< بالطبع لا.. فهناك المعصية والبدعة والشرك.. فمن رفض ابتداء الرسول[ وأنكر وجوب طاعته واتباعه وجحد سنته.. فقد وقع في الشرك أو الكفر؛ فإن الركن الأول للدخول في الدين: الشهادة.. التي لا يمكن تجزئتها؛ فليس لأحد أن يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله».. ويظن أنه دخل الإسلام.. جاحداً النصف الثاني.. وتكون مخالفة الرسول[ معصية دون كفر إذا أقر المرء برسالته ووجوب طاعته، ولكن خالف أمر الرسول[ تساهلاً أو تكاسلاً كمن خالف أمره بإعفاء اللحية أو أي أمر آخر أوجبه الرسول[ على أمته.. وهناك أعمال الأمر فيها واسع؛ لأنها من السنن والمستحبات يخالف فيها المرء الأَوْلَى.. دون أن يقع في الإثم.

صاحبي من المواظبين على صلاة الفجر رغم تقصيره في إعفاء اللحية.. وبعض السنن الأخرى.. ولكنه ذو أخلاق عالية.. ولاسيما في التواضع ولين الجانب والصدق والأمانة.

كنا نتمشى بين العشاءين بانتظار الأذان:

– انتبه إلى قول الله – عز وجل: {لا يؤمنون.. حتى يحكموك}.. صيغة جازمة لا تهاون فيها ولا لين.

– هل: «نفي الإيمان» يعني «الكفر»؟!

– كلا؛ فإن «نفي أصل الإيمان» يعني «الكفر».. أما «نفي الإيمان» معظم الأحيان فيعني نفي «كمال الإيمان».. كقول الرسول[ «والله لا يؤمن».. وكررها «والله لا يؤمن».. ويثلّثها «والله لا يؤمن».. «من لا يأمن جاره بوائقه».. فهل من يؤذي جاره كافر يخلد في نار جهنم؟! لا يقول أحد من أهل السنة ذلك.. وكذلك عندما يقول الرسول[: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».. وكذلك عندما يقول[: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه».. فإن هذا لا يعني حرمانه من دخول الجنة مطلقاً.. بل ابتداء.. ولا يعني من باب أولى خلوده في النار، وفي الحديث الآخر: «لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح والمراء وإن كان صادقاً» رواه أحمد (صحيح لغيره).. فهذه الأحاديث يجب أن يفهم المرء معناها قبل أن يتحدث بها.. وهي تختلف عن الأحاديث الأخرى مثل قوله[ : «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: بالله وحده لا شريك له، وأني رسول الله، وبالبعث بعد الموت، والقدر» صحيح المشكاة.