بعد الصلاة اقترب من مجلسي.. وضع يده بيدي:

– عندما نقول: «إذا حبتك عيني.. ما ضامك الدهر».. هل في هذه العبارة شيء؟

لم أكن منتبهاً لأنني لم أتوقع منه هذا السؤال

– ماذا قلت؟

أعاد علي طرح السؤال.

فكرت قليلاً.

– نعم.. فيه ما لا ينبغي أن ينسب إلى الدهر.. فنحن عندما نقول: «ضامك الدهر».. «الضيم.. الظلم».. أو «الإذلال».. كما قال الشاعر:

ونحمي على الثغر المخوف ونتقي

بغارتنا كيد العدا وضيومها

ولا ينبغي نسبة الظلم إلى «الدهر»؛ ففي الحديث القدسي: «لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر». صحيح الجامع. وعلى ذات السياق.. لا ينبغي الاستهزاء بالأقدار وسبها.. أو الأيام ولعنها.. أو الساعات والكفر بها.

– وماذا لو قلنا: «ودارت الأيام»؟!

– نعم الأيام تدور.. بمعنى أن الأحداث تتقلب يوماً بعد يوم.. والله – عز وجل – يقول: {وتلك الأيام نداولها بين الناس} «آل عمران: 140»، ففي هذه المقولة إثبات لحقيقة لا اعتراض أو سب.

نهض صاحبي.. وشد بيدي ينهضني معه.. في طريقنا للخروج.

– يبدو أن هناك الكثير من الألفاظ التي تعودنا عليها وهي مخالفة للعقيدة الصحيحة.. رغم أن آباءنا كانوا حريصين على التوحيد.

إحدى غايات التوحيد.. تصويب الحديث.. كما فعل الرسول[ مع ذلك الرجل.. عندما قال: «ما شاء الله وشئت».. وكذلك عندما نهاهم أن يحلفوا بآبائهم.. كما كان منتشراً عندنا.. فقال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم؛ فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» متفق عليه.. وكنا كثيراً ما نحلف بـ«راس» الأب أو الأم أو نجمعهما.. لتغليظ اليمين، وكل هذا منهي عنه.

– ربما أصبح من «الإثارة» نسبة اللعب للأقدار.. والظلم للدهر.. والسخرية للأيام.

– هذه كلها ألفاظ تخدش التوحيد والعقيدة السليمة.. ولقد تذكرت رواية أخرى في الدهر.

عن أبي هريرة، قال رسول الله[: «لا تسبوا الدهر؛ فإن الله عز وجل قال: أنا الدهر، الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك».. وفي رواية: «لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر؛ فإن الله هو الدهر».

– لدي سؤال.. ربما ليس في موضعه.

– هاته.

– هل من أسماء الله الحسنى «الدهر»؟

– كلا.. فإن الرسول[ شرح لنا معنى «إن الله هو الدهر» كما في الأحاديث السابقة.. وقلنا في شروط الأسماء.. اقتضاؤها الحمد والثناء مطلقاً.. والدعاء بها؛ فليس من أسماء الله »الدهر».