– من غريب تناقض أهل الكفر، أنهم كانوا يقرون أن الخالق هو الله، والرازق هو الله، والمميت هو الله، والمنجي هو الله، ومع ذلك يعبدون مع الله آلهة أخرى، ويتقربون إليها، ويعظمونها، ويقدمون لها القرابين، بل ويموتون لأجلها!

– حقا إنه منطق غريب، بل ليس من المنطق في شيء، ولكنه اتباع دين الآباء والأجداد، والالتزام بالتعاليم والإرث الاجتماعي.

لذلك يذكرهم الله -عز وجل- ويلفت انتباههم إلى هذه الحقيقة في آيات عدة من كتابه، آيات فيها تحدٍّ، وإعجاز.

كنت وصاحبي نمشي رياضة بعد أن صلينا المغرب .

– ولو أن أحدهم صدق النية وتفكر بتجرد لما وسعه إلا أن يؤمن بالله وحده ولا سيما وهو يسمع قول الله -تعالى-: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (لقمان:10-11)، وقوله -سبحانه وتعالى-: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (النحل:17)، وقوله -تعالى-: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (الرعد:16).

وغيرها من الآيات التي تحمل المعنى ذاته.

– صدقت، وذلك أنهم كانوا يفهمون أساليب القرآن البلاغية فقد نزل بلغتهم التي يتحدثون بها، وكانوا أهل فصاحة وبلاغة، ولكن استكبارهم وعنادهم حجب عنهم رؤية الحق، ومنعهم من اتباع الهدى.

معنى الآية: من كان قادرا على خلق الأشياء المتقدمة الذكر كان بالعبادة أحق ممن هو مخلوق لا يضر ولا ينفع، {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ} (لقمان:11).

فيتعين أن يكون (فأروني) تهكما؛ لأنهم لا يمكن لهم أن ينفذوا هذا الأمر، زيادة على كون الأمر مستعملا في التعجيز، وصوغ أمر التعجيز من مادة الرؤية البصرية أشد في التعجيز لاقتضائها الاقتناع منهم بأن يحضروا شيئا يدعون أن آلهتهم خلقته.

و(بل) للانتقال من غرض المجادلة إلى غرض تسجيل ضلالهم، أي في اعتقادهم إلهية الأصنام، كما يقال في المناظرة: دع عنك هذا وانتقل إلى كذا.

{بل الظالمون في ضلال} فقرر ظلمهم أولا، وضلالهم ثانيا، ووصف ضلالهم بالوضوح والظهور، ومن كان هكذا فلا يعقل الحجة، ولا يهتدي إلى الحق.

– آيات بينات ولكن أكثر الناس لا يؤمنون، وهناك أيات كثيرة في المعنى ذاته، إليك اثنين منها: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} (فاطر:40).

{قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (الأحقاف:4).

ردد كل منا: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، اللهم ارفع عنا البلاء والوباء وعن جميع المسلمين، عاجلا غير آجل يا رب العالمين.

تابعنا سيرنا وحديثنا .

– وفي تفسير هذه الآيات كلام جميل.