– إن الله -تبارك وتعالى- لا يحابي أحدا، ولا يظلم مثقال ذرة، وهناك أمور اختص الله بها نفسه، ولا يرضى أن يُشرك أحدا معه -سبحانه وتعالى.

تفرده -سبحانه- بالأسماء والصفات

تفرد -سبحانه- بأسمائه وصفاته، {ليس كمثله شيء}، وتفرد -عز وجل- بالمغفرة والرحمة والهداية والشفاعة والجنة والنار، فلا يملك مخلوق شيئا من ذلك، وجعل -سبحانه الحياة والموت والرزق والنفع والضر، بيده، فلا يملكها غيره، وذلك كله ليفرده الخلق بالعبادة ولا يشركوا معه أحدا أبدا، لا في رجاء نفع، ولا في دفع ضر، ولا في طمع في الجنة ولا خوف من النار، ولا في طلب رزق، ولا في رجاء شفاعة؛ فالله وحده هو الذي يدعى في ذلك كله، كانت هذه مقدمة لخاطرة ألقاها أحد خطباء وزارة الأوقاف، أدى صلاة المغرب في مسجدنا، ولم تزد كلمته عن عشر دقائق.

بعدها خرجت وصاحبي من المسجد، نمشي رياضة بانتظار صلاة العشاء.

ضرورة توحيد الله

– أعجبني أسلوب الشيخ، وتركيزه على ضرورة توحيد الله في قضايا الدنيا كالرزق والعافية، وفي قضايا الدين كالهداية والمغفرة، وفي قضايا الآخرة كالرحمة والجنة والشفاعة.

– نعم، جزاه الله خيرا وفق في طرحه ولاسيما في موضوع الهداية، وكيف أن الله نفى الهداية عن رسول الله -[-، وهو الذي بعثه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (الأحزاب:45-46).

– دعني أقرأ لك ما ورد في التفسير لهاتين الآيتين:

{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (القصص:56).

{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (البقرة:272).

الهدى هديان

– الهدى هديان: هدى دلالة، وهو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم، قال الله -تعالى-: {ولكل قوم هاد} (الرعد:7)، وقال: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (الشورى:52)، فأثبت لهم الهدى الذي معناه الدلالة والدعوة والتنبيه، وتفرد -سبحانه- بالهدى الذي معناه التأييد والتوفيق، فقال لنبيه – صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (القصص:56)، فالهدى على هذا يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب، ومنه قوله -تعالى- {أولئك على هدى من ربهم} (البقرة:5)، وقوله: {ويهدي من يشاء} (فاطر:8}، والهدى: الاهتداء، ومعناه راجع إلى معنى الإرشاد كيفما تصرفت، قال أبو المعالي: وقد ترد الهداية والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المفضية إليها، من ذلك قوله -تعالى- في صفة المجاهدين: {فلن يضل أعمالهم سيهديهم} (محمد:45).

ومنه قوله -تعالى-: {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} (الصافات:23)، معناه فاسلكوهم إليها.

هل تنفع أبا طالب نصرته؟

قالوا: يا رسول الله هل تنفع أبا طالب نصرته؟ قال: «نعم دفع عنه بذاك الغل ولم يقرن مع الشياطين ولم يدخل في جب الحيات والعقارب إنما عذابه في نعلين من نار (في رجليه) يغلي منهما دماغه في رأسه وذلك أهون أهل النار عذابا».

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعمه: «قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة» قال: لولا تعيرني قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} (القصص:56).