قول الله -سبحانه وتعالى- لنبيه: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (البقرة:120)، وقوله -سبحانه-: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} (الرعد:37).

– الآيات التي فيها خطاب للنبي – صلى الله عليه وسلم – اشتملت على الثوابت التالية:

– الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو أكمل الخلق خلقا وأعلم الخلق بالله وأتقى الخلق لله -عز وجل.

– الرسول – صلى الله عليه وسلم – أحب الخلق إلى الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

– الرسول – صلى الله عليه وسلم – أدى ما كلف به كاملا وأشهد الله على ذلك ولم يغير شيئا ولم يخف شيئا.

– الرسول – صلى الله عليه وسلم – معصوم عصمة كاملة من الله -عز وجل.

– الرسول – صلى الله عليه وسلم – بشر يجري عليه ما يجري على البشر في غير أمور الرسالة وتبليغها.

صاحبي له أخ يجادل في قضايا العقيدة والسنة والتفسير، حصيلته العلمية ما يستمع إليه من محاضرات (عدنان إبراهيم) في (اليوتيوب) وما يتلقفه من هنا وهناك في وسائل التواصل الاجتماعي.

– أنا أرى ألا تناقش أمثال هؤلاء؛ لأن مناقشة (الجاهل المركب) لن تنفعه، وربما أخذت بمن يستمع إليكما ممن لا أساس علمي لديه، وهذه مشكلة كبيرة في أيامنا هذه؛ حيث إن الجميع أباح التفسير لنفسه والتحدث في القضايا الشرعية، ابتداء من قضايا الطهارة والوضوء مرورا بتحريم الخمر والنكاح وبغير ولي، وانتهاء بقضايا الغيب والبعث والجنة والنار وصفات الله -عز وجل-، مع أنهم لا يجرؤون أن يتكلموا في القضايا السياسية إن لم يكونوا من أهل السياسة ولا في الأمور الطبية إن لم يكونوا من أهل الطب ولا في المشكلات الهندسية إن لم يكونوا من خريجي الهندسة المتخصصة، ولكن الشريعة الكل يستبيح الحديث بها.

– صدقت والله، والشكوى لله -عز وجل- من هؤلاء وأعوانهم! لنرجع إلى الآيات من سورة البقرة والرعد، ماذا ورد في تفسيرها؟

قال أبو جعفر: يعني -جل ثناؤه- بقوله: {ولئن اتبعت} يا محمد هوى هؤلاء اليهود والنصارى فيما يرضيهم عنك من تهود وتنصر، فصرت من ذلك إلى إرضائهم، ووافقت فيه محبتهم من بعد الذي جاءك من العلم بضلالتهم وكفرهم بربهم، ومن بعد الذي اقتصصت عليك من نبئهم في هذه السورة ما لك من الله من ولي، يعني ذلك: ليس لك يا محمد من ولي يلي أمرك، وقيم يقوم به ولا نصير ينصرك من الله، فيدفع عنك ما ينزل بك من عقوبته، ويمنعك من ذلك.

وقد قيل: إن الله -تعالى- ذكره أنزل هذه الآية على نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم -؛ لأن اليهود والنصارى دعته إلى أديانها، وقال كل حزب منهم: إن الهدى هو ما نحن عليه دون ما عليه غيرنا من سائر الملل. فوعظه الله أن يفعل ذلك، وعلمه الحجة الفاصلة بينهم فيما ادعى كل فريق منهم.

فأمره بأن يقول لهم: إن هدى الله هو الهدى الحقيقي، لا ما أنتم عليه من الشريعة المنسوخة، والكتب المحرفة، ثم أتبع ذلك بوعيد شديد لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن اتبع أهواءهم، وحاول رضاهم، تعرضا لأمته، وتحذيرا لهم أن يواقعوا شيئا من ذلك.