ستكمالاً لما بدأنا الحديث عنه في المقال السابق عن أهمية معرفة أين الله وهو السؤال الذي يخطئ الكثيرون في الإجابة عنه نقول: قال الله -تعالى-: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(النحل: 50)، وقال -تعالى-: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}(الأنعام: 18)، وقال -تعالى-: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}(المعارج4)، وقال -تعالى-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}(فاطر: 10)، وقال -تعالى-: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (النساء: 158)، {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}(آل عمران: 55)، {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ}(آل عمران: 7)، وقال -تعالى-: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}(غافر: 2)، وقال -تعالى-: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}(الملك: 16). وفي الأحاديث:: عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جارية أعجمية، سوداء؛ فقال على رقبة فهل تجزئ هذه عني؛ فقال: أين الله؟ فأشارت بيدها إلى السماء؛ فقال: من أنا؛ فقالت: أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة» (مسلم).

عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن -تبارك وتعالى- ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» وهو حديث صحيح، البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يتنزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟».

وحديث أنس رضي الله عنه الذي ورد في الصحيحين أنه قال: كانت زينب بنت جحش -رضي الله عنها- تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات.

أما أقوال أئمة السلف، قول أبي عثمان الصابوني: نقل عن أصحاب الحديث أنهم يعتقدون ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه، وأن علماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله على عرشه، وعرشه فوق سمواته.

قول النبي صلى الله عليه وسلمللجارية: «أين الله؟» فقالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة».

حكم بإيمانها لما أقرت أن ربها في السماء وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية. ذكر ابن القيم في كتاب: (اجتماع الجيوش الإسلامية) ما رواه الحافظ عبدالقاهر الرهاوي عنه أنه قال: لا أصلي خلف من لا يقر بأن الله -تعالى- فوق عرشه بائن من خلقه.

قول أبي نصر السجزي، قد ذكرت كلامه في أول الفصل وما نقله عن الثوري، ومالك، والحمادين، وسفيان بن عيينة، والفضل، وابن المبارك، وأحمد، وإسحق أنهم متفقون على أن الله -سبحانه- مستو بذاته فوق العرش فوق السماء السابعة وعلمه بكل مكان.

– هذا الأسلوب في الكلام فوق مستواي ولا أفهمه، ولكن فهمت أن الجواب عن سؤالي (أين الله؟) أن الله مستو على عرشه بذاته، بائن من خلقه فوق السماء السابعة، ولعل أهم دليلين في رأيي -وأنا من العوام وليس لدي علم شرعي- حديث الجارية، وقوله -تعالى: {أأمِنْتُمْ منْ فِي السّماءِ أنْ يخْسِف بِكُمُ الْأرْض فإِذا هِي تمُورُ (16) أمْ أمِنْتُمْ منْ فِي السّماءِ أنْ يُرْسِل عليْكُمْ حاصِبا فستعْلمُون كيْف نذِيرِ} الآيات من سورة الملك؛ لأني أحفظها.

– أحسنت يا أبا زياد، نعم هذه هي الخلاصة وقضايا العقيدة أخبرنا الله بها وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم، لا ليحتكرها العلماء، وإنما لعامة الناس ليؤمنوا بربهم كما يحب -سبحانه وتعالى.