– ما معنى قولنا في الركوع «سبوح قدوس رب الملائكة والروح»؟!

– تعلم أن السنة في الركوع ترديد الأذكار التي فيها تعظيم لله -عز وجل- كما في الحديث: «عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا؛ فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب  لكم» (مسلم)، وهذه إحدى صيغ تعظيم الرب سبحانه وتعالى، فإنك تذكر الله باسمين من أسمائه الحسنى (السبوح والقدوس).

(السبوح) الذي تنزه عن كل نقص وعيب، فحاز الكمال والجلال والجمال من كل وصف ومن كل فعل وهو معنى قولنا (سبحان الله).

وفي الركوع نقول «سبحان ربي العظيم»، وهذا تطبيق مباشر لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم : «فأما الركوع فعظموا فيه الرب».

(سبحان)، صيغة مبالغة من قولك: «أسبح» بمعنى (أنزه) و(أبرئ) (ربي العظيم) عن كل ما لا يليق به، وكل ما لا يليق به نقص؛ لأنه سبحانه له الكمال المطلق من كل وجه وفي كل صفة من صفاته وفعل من أفعاله.

قاطعني.

– كأنك أسهبت في الشرح؟!

صاحبي -مهندس- في شركة الاتصالات ولكنه مطلع جيد ومتابع ممتاز لقضايا الشريعة، يبحث دائما في تفاصيل الأمور.

– نعم هذان الاسمان (السبوح القدوس) اقترنا في كل ركعة من كل صلاة، أحدهما (السبوح) لم يرد في القرآن وإنما في السنة الصحيحة، والثاني (القدوس) ورد في كتاب الله في الآية (23) من سورة الحشر: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وفي الآية الأولى من سورة الجمعة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.

و(القدوس) زيادة على التنزيه في تعظيم الله -عز وجل-؛ وذلك أن (التقديس) في اللغة التطهير وفي حق الله التنزيه عن كل نقص تعظيما له سبحانه، وجبرائيل هو (روح القدس).

– كنت أعلم أن (القدوس) من الأسماء الحسنى ولكن لم يخطر ببالي أن (السبوح) أيضا من الأسماء الحسنى إلا بعد أن سمعت أحد المشايخ يذكر ذلك في برنامج إذاعي البارحة.

– نعم (السبوح) من الأسماء الحسنى.

– وهل ورد الدعاء باسم السبوح في أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

– بلفظ (السبوح) لا أعلم ولكن بلفظ (سبحانك) هناك أحاديث كثيرة مثل:

     حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اغفر لي» (البخاري).وعند مسلم من حديث عمر: «أنه كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك» (مسلم).

     وروي أيضا من حديث أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضجع فليضجع على شقه الأيمن وليقل: سبحانك اللهم ربي  بك وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» (مسلم).

     ودعني أذكرك بأن الغاية الأولى من بحثنا في معرفة الأسماء الحسنى هي التعرف إلى الله والتقرب إليه بأسمائه سبحانه التي ارتضاها لنفسه، وأوحى بها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأعلمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سواء أكانت من الأسماء التي ندعو بها أم لا، ولا شك أن معرفة الله -عز وجل- أسمى غاية وأشرف سبيل يقضي به العبد عمره.