دعانا (أبو وليد) لحفل عشاء بمناسبة تماثل ابنه للشفاء التام بحمد الله، بعد رحلة علاج امتدت لثمانية أشهر، كانت الدعوة في مزرعة أحد أقاربه، تبعد عن وسط المدينة أكثر من مئة كيلو متر، كانت الدعوة يوم الجمعة الأخير من شهر يناير.

– هل لاحظتم أن كل خطيب جمعة يلتزم بالصيغة ذاتها لافتتاح الخطبة وإنهائها في خطبة الجمعة؟

كنا أربعة نفر في سيارة ذات دفع رباعي.

– وماذا في الأمر؟

– لا شيء مجرد ملاحظة.

– ولكن قد يزيد شيئا أو ينقص شيئا لمناسبة معينة، ولكن نعم معظم البناء يكون واحدا، وذلك أن الخطيب اعتاد ذلك.

كنا.. (أحمد) و(عدنان) و(غازي) وكاتب هذه الأسطر والذي بدأ الموضوع أحمد، (أبومحمد) تابع تعليقه -وهو صاحب المركبة ويتولى القيادة-: خطيبنا إذا أراد أن يدعو على أحد يقول (خذه أخذ عزيز مقتدر).. وهل المقتدر من أسماء الله الحسنى؟ أجبته:

– نعم، اسم الله المقتدر ورد في كتاب الله مرتين في سورة القمر: {وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41). كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ } (القمر:41-42).

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} (القمر:54-55).

فاقترن اسم الله (المقتدر) باسم الله (العزيز) وكذلك باسم الله (المليك).

– هل من أسماء الله (الملك) أم (المليك)؟

– كلاهما من الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله.

– أليسا بالمعنى نفسه؟!

– دعني أبين قاعدة، وهي أن زيادة حرف في الكلمة يزيد المعنى، وإن تشابه البناء أي تشابهت الأحرف، فمثلا من أسماء الله الحسنى (القادر) و(القدير) و(المقتدر)، وهناك فروق في المعنى تكون واضحة لمن تدبر الآيات، التي وردت فيها هذه الأسماء الحسنى، وفي اللغة (المقتدر) على وزن (مفتعل) من (القدرة)، وهو أبلغ من (القادر) و(القدير)، ولو تدبرنا الآيات التي ورد فيها اسم الله (القادر) لوجدنا أنها في بيان قدرة الله على عمل شيء مثل (إحياء الموتى)، أو (خلق البشر) أو (خلق السموات) أو (إنزال الآيات)، فهي  تبين  قدرة الله على قضايا عظيمة تتعلق بالمخلوقات.

والآيات التي ورد فيها اسم الله (القدير)، تقترن بقدرته سبحانه وتعالى على كل شيء، {إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران: 165)، فأتت صيغة المبالغة (فعيل)؛ لأنها تشمل كل شيء لا شيئا واحدا فقط.

{وَقالُوا لولا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (الأنعام:37).

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا} (الإسراء:99).

{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (القيامة:40).

{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:20).

{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: 106).

{وللهِ مُلك السمَواتِ والأرض واللّه عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران:189).

{إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (هود:4).

– ملاحظة جميلة، على كثرة ما نقرأ القرآن لا ننتبه إلى هذه الملاحظات، و(المقتدر)؟

 

-(المقتدر) اسم الله عز وجل، وغير مرتبط بشيء من مخلوقاته، هو في ذاته سبحانه وتعالى (مقتدر)، وهي أبلغ صيغ القدرة، مثل (الرحمن)، صفة الله عز وجل غير مرتبط بالمخلوقات، أما (الرحيم) فهو اسم الله عز وجل أثره على مخلوقاته، (فالمقتدر) له كمال القدرة وارتبط هنا بـ(العزيز)، فهو عز وجل له كمال العزة وكمال القدرة، لا يغلبه أحد وهو يغلب كل أحد، وهو مقتدر في ذاته سبحانه.

 

فإذا لجأت إلى (العزيز المقتدر)، لجأت إلى ذي العزة والاقتدار الكاملين اللذين يليقان بالله سبحانه وتعالى، فاطمئن إلى من تركن إليه، واستعن به، وعظمه كما ينبغي واخضع له كما يجب والجأ إليه.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2014/02/Pages-from-issue_762.pdf” color=”red” newwindow=”yes”] تحميل[/button]