حذر الله عز وجل بني آدم من عبادة الشيطان، فقال سبحانه: {ألم أعهد إليكم با بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} (يس: 60)، ولا يحذر الله عباده من أمر إلا لشدته ولاحتمال أن يقع فيه بعضهم، وبيّن سبحانه أن بعض بني آدم يتخذ الشيطان ولياً: {ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} (النساء: 120).

     وأخبر الله عز وجل عن إبراهيم، فقال سبحانه: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا} (مريم: 44)، وأخبر عز وجل عن فئة من بني آدم: {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا أن حزب الشيطان هم الخاسرون} (المجادلة: 19).

– وهل يعتقد الشيطان أنه يستحق العبادة من دون الله؟

– إن ابتداء كفر الشيطان كان (الكبر) وهذا المرض يبلغ بالمخلوق إلى ما لا حدود له، فها هو ذا فرعون علا واستكبر: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين} (القصص: 4)، وبلغ فيه الغرور إلى أن قال: {وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري} (القصص: 38)، وقال: {أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} (النازعات: 24 – 25).

     فالمخلوق إذا تكبر يعظم في نفسه حتى يبلغ به كبره أن يظن نفسه إله، وهذا ما حصل لإبليس؛ فإنه من تعظيمه لنفسه جعل عرشا له، كما ثبت في صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت» قال الأعمش: «أراه قال فليتزمه»، أي: يضمه إلى نفسه ويعانقه.

– ولماذا يفعل الشيطان هذا الأمر؟

– كنت وصاحبي نتحاور في المجلس أمام المسجد بانتظار صلاة العشاء وقد بقي أكثر من عشرين دقيقة على موعد الأذان.

– أولاً: نؤمن بهذه القضية الغيبية؛ لأنها ثبتت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين؟ وكيف؟ ومتى؟ أسئلة لا تهمنا.

– ثانياً: الشيطان يريد أن يعظم نفسه ويحقق كبرياءه، فصنع لنفسه عرشاً وهو يعلم أن الله سبحانه وتعالى عرش، وكان عرش الرحمن عز وجل على الماء قبل خلق السموات والأرض، كما قال سبحانه: {وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا} (هود: 7)، وفي البخاري عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما – أن ناسا من أهل اليمن سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر (أي بدأ الخلق) قال صلى الله عليه وسلم: «كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض».

     فإبليس – لعنه الله – يضع عرشه على الماء تعظيما لنفسه وتشجيعاً لجنده من الشياطين، ويرسلهم إلى بني آدم ليفتنوهم ثم ينتظرهم آخر الأمر ليكافأهم على إغوائهم بني آدم، فأعظمهم عنده، أعظمهم إغواء لبني آدم، وجاء في حديث ابن صياد: لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر في بعض طرق المدينة، فقال له رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «أتشهد أني رسول الله؟» فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله وملائكته وكتبه، ما ترى؟ قال: أرى عرشاً على الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: «ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى»؟ قال: أرى صادقين وكذابا أو كاذبين وصادقا.

فقال صلى الله عليه وسلم: «لبس عليه.. دعوه» صحيح مسلم.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/11/Pages-from-issue_704.pdf” color=”red” newwindow=”yes”] تحميل[/button]