– أنا لا أشك أن وظيفة القلب – بعيدا عن رأي الطب – هي أن يعقل.. وذلك لقول الله تعالى في سورة الحج: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} (الحج: 46).
– وما وظيفة المخ إذًا؟
– المخ يفكر؛ ويميز.. فيعرف الخير والشر, والمفيد والضار.. وغير ذلك مما هو في هذه الطبيعة المعرفية.. أما القلب فهو الذي يعقل, ويتدبر, ويأمر وينهى.. ومصير الإنسان بين مخه، وقلبه وهواه.
– وما وظيفة الهوى؟
– الهوى هو ما تأمر به النفس الأمارة بالسوء, الشهوات بكل أنواعها من النساء والبنين والأموال والثروات والمناصب والشهرة والملذات, وأهميتها تختلف من شخص لآخر, والهوى مذموم دائما, {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم} (محمد: 16).
– وكيف تعمل هذه الثلاث؟
– الهوى.. يزين للإنسان الشهوات ويدفعه للحصول عليها والتلذذ بها.. وغالبا يكون فيما حرم الله, والمخ يعرف أن هذا الأمر محرم ولا يجوز، والقلب هو الذي يأمر وينهى, وأمره نافذ, فإذا كان القلب سليما, أمر الأعضاء, فامتثلت, فالملك هو القلب والأعضاء جنوده, لذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» متفق عليه.
كنت وصاحبي في اتصال هاتفي نتحاور حول موضوع خطبة الجمعة، وكنت أنوي الحديث عن أهمية الوقت.. وتسارع الزمان إلا أن موضوع القلب والعقل أعجبني فغيرت موضوع الخطبة.
– وما المقصود بالمضغة؟
– هي قطعة اللحم التي يمكن مضغها, وشبه النبي صلى الله عليه وسلم القلب بالمضغة لبيان صغر حجمه مع عظم دوره في تحديد مصير الإنسان.
والقلب هو مكان الهداية.. {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} (التغابن: 11) وهو مكان التقوى.. «التقوى هاهنا» الترمذي، وهو مكان التدبر: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (محمد: 24)، وهو الذي ينظر الله إليه دون بدن الإنسان وظاهرة: «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم وصوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم» (مسلم).
قاطعني:
– أراك تحمست لموضوع القلب؟
– نعم إن الأمور القلبية دائما أهم من الأمور الظاهرية، والعبادات القلبية أعظم من العبادات البدنية, فأساس الأعمال النية, ومكان النية القلب, ومكان النفاق القلب كذلك؛ ولذلك كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».