إن أشد ما ألزم الله به عباده ابتداء من أشرف الخلق محمد بن عبدالله[ إلى أدناهم هو توحيده وعدم المساس بأي أمر اختص الله به، اسمع هذه الآيات: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} (آل عمران: 128)، {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} (التوبة: 80)، {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (البقرة: 255)، فهذه الآيات وغيرها تنفي العذاب والتوبة والمغفرة والشفاعة عن أحد غير الله تبارك وتعالى؛ فليس لأحد – ولا حتى لمحمد[ – هذه الأمور، بل يثبت النبي[ أنه بشر لا يملك الضر والنفع ولا علم الغيب، بل لا يملك شيئا ولا يتميز عن البشر بشيء عدا الوحي: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} (الكهف: 110)، {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} (الأعراف: 188).
ولا ينكر أحد أن الرسول[ أفضل من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن اقرأ بعض النصوص التي يذكرها القوم عن علي:
1 – عن سعيد بن جبير، قال: أتيت عبدالله بن عباس، فقلت له: يابن عم رسول الله! إني جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب واختلاف الناس فيه! فقال ابن عباس: «والذي نفس ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا والأشجار أقلاما وأهلها كُتّابا فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب وفضائله من يوم خلق الله الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك وتعالى». وهذا في كتاب أمالي الصدوق (551) وبحار الأنوار (4/7) وروضة الواعظين (1/127)، وفي قول الله عز وجل: {ويحذركم الله نفسه} (آل عمران: 28)، قال الرضا – عليه السلام: «علي.. خوفهم به» بحار الأنوار (39/88).
وعن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: {كل شيء هالك إلا وجهه} (القصص: 88)، «كل شيء هالك إلا ما أريد به وجه الله، ووجه الله علي عليه السلام) بحار الأنوار (36/151)، تأويل الآيات (417).
أوقفني صاحبي:
– كفى.. لا أريد المزيد من هذه التأويلات، فوالله لا أستطيع أن أسمعها.
– وإذا ذكرت هذه الافتراءات بمصادرها، لا يرد عليك أحد، وربما ينكرها، مع أن الواجب على الأئمة والعلماء الذين يعتلون المنابر ويتصدرون المجالس أن يتبرؤوا من هذه الافتراءات؛ لأن من نسبها إلى علي – رضي الله عنه – إنما كذب عليه، وأعلن أبو الحسن براءته من هؤلاء: «اللهم إني بريء من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى، اللهم اخذلهم أبدا ولا تنصر منهم أحدا» أمالي الطوسي (650)، بحار الأنوار (25/284).
وقال – رضي الله عنه-: «ألا فإنه يهلك فيّ اثنان: محب مفرط يفرط بما ليس فيّ، ومبغض يحمله بغضه على أن يبهتني، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إلي، ولكن أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم» بحار الأنوار (35/317).
وعن أبي عبدالله عليه السلام: «رحم الله عبدا حبّبنا إلى الناس ولم يبغّضنا إليهم، أما والله لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعز وما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء، ولكن أحدهم يسمع الكلمة فيحط عليها عشرا» الكافي: (8/226)، وقال عليه السلام: «إنا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله[ أصدق الناس لهجة وأصدق البرية كلها وكان مسيلمة يكذب عليه» رجال الكشي: (ص 108)، بحار الأنوار (25/287).
[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-610.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]