بدأنا بقراءة المجلد الثاني من شرح النووي لصحيح مسلم.. يشمل هذا المجلد الجزأين الثالث والرابع ويبدأ بما انتهى به المجلد الأول: معراج النبي [.

بعد الدرس الذي لا يزيد عن عشر دقائق قال صاحبي (بومساعد).. وقد دعوته إلى تناول شاي العصر في مكتبي بالمنزل:

– إذا كان هذا حال آخر من يخرج من النار.. وآخر من يدخل الجنة.. فكيف أول من يدخل الجنة؟

وكان درس العصر قد تناول الحديث الطويل عن ذلك الرجل الذي يكون وجهه مقبلا على النار وهو آخر أهل الجنة دخولا.. عندما يدخل الجنة.. يقول له الله تعالى: تمنه.. فيتمنى، ويتمنى حتى إن الله ليذكّره كذا وكذا.. حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى: ذلك لك ومثله معه.. وفي رواية قال أبوسعيد.. «أشهد أني حفظت من رسول الله [ قوله: ذلك لك وعشرة أمثاله».

– يا أبا مساعد.. حال هذا الرجل لا يسر على الإطلاق؛ إنه لم يعمل خيرا قط، إلا أنه مات على التوحيد ولم يشرك بالله شيئا، فأخذ من عذاب النار الشيء الكثير نسأل الله السلامة منها، فلا ينبغي لعبد أن يدعو الله أن يكون مثل هذا.. إنما ينبغي دعاء الله أن يدخل أحدنا الجنة دون عذاب، فإن العذاب شديد، وأليم، ولا ينبغي لأحد أن يقول: لا بأس بالعذاب إذا كان المآل إلى الجنة.. (إنها لظى).. و(سعير).. و(جهنم).. عافانا الله منها.

– وكيف لنا أن نكون مع أول من يدخلها؟!

– بالدعاء، والعمل بإخلاص، ورحمة الله، فإن أعداد من يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب كثيرة جدا.

– أليسوا السبعين ألفا؟

– كلا.. بل أضعاف لا يعلمها إلا الله.. اسمع حديث النبي [، عن أبي أمامة عن النبي [ قال: «وعدني ربي عز وجل أن يُدخِل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل».. فإذا استطعنا أن نعرف العدد الأولي.. وهو (70.000 + 4.900.000) فكيف لنا أن نعرف الذين سيكونون في الحثيات الثلاث من حثيات رب العزة سبحانه وتعالى؟!!

استغرب صاحبي الحديث:

– هل الحديث ثابت..

– نعم.. رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني.. هؤلاء فيهم الأوائل الذين وجوههم تتلألأ كالبدر، ولكنهم جميعا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، هؤلاء الذين نسأل الله أن يجعلنها منهم، والعدد لا حصر له..

– ومعنى حثيات ربي؟!

– حثا التراب.. يحثوه حثوا.. أخذ ملء كفيه فرماه.. فإننا نؤمن بأن الله عز وجل له يدان.. وكلتاهما يمين.. وأنه سبحانه سيأخذ من أهل الإيمان ثلاث حثيات يدخلهم الجنة بلا حساب ولا عذاب دون أن نقول كيف، ودون أن نشبه الله عز وجل بشيء من خلقه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى: 11) ونسأله عز وجل أن يجعلنا من هؤلاء.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-635.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]