– نعم من زعم الإيمان يجب عليه أن يتميز عن غيره في العبادات والأخلاق والعقيدة والتصرفات، ولا يكون كباقي «الناس»؛ لأن الله أراد من المؤمنين أن تكون لهم معايير مختلفة عن عامة الناس.

– هذه عبارات عامة أرجو أن تبينها حتى تتضح الصورة.

كنت وصاحبي في جلسة عامة بين العشاءين جمعت سبعة آخرين.

– لو تتبعنا كتاب الله عز وجل عندما يذكر الله عز وجل أخلاق الإنسان، يستثني عباده المؤمنين، كقوله عز وجل: {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين..} (المعارج: 19-22)، {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} (العلق:8،7) {إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد} (العاديات: 8-10)، {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، (العصر) وهكذا في القرآن كله، المؤمن يتميز عن عموم الناس بأن له مواقف أساسها الإيمان بالله ومما يتميز به المؤمن بوضوح حال نزول المصيبة.

كان المستفسر (بو عبدالرحمن):

– كيف يتميز المؤمن حال نزول المصيبة؟!

– لقد وصف الله عامة الناس بقوله: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون} (يونس: 12)، وكذلك قال تعالى: {فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون} (الزمر: 49).

هذه حال عامة الناس، أما المؤمن فهو على خير مع ربه عز وجل حال الرخاء، فإذا نزلت به شدة علم أنه ابتلاء من الله وتكفير لذنوبه، أو رفع لدرجاته، فيتحصن بالصبر قلبا وقالبا، ويتذكر قول الله عز وجل: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}، وفزع إلى الصلاة والدعاء يسأل الله رفع المصيبة وزوال الكرب، بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من بلايا الدنيا دعا به يفرج عنه؟» فقيل له: بلى.. فقال: «دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» (السلسلة الصحيحة).

وحتى لو طالت المصيبة فإنه يعلم أن الفرج قريب من عند الله وأن {مع العسر يسرا} ولا يقنط من رحمة الله، ويؤمن بأن الابتلاء على قدر الإيمان, «وأن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأول فالأول» البخاري.. ولا يسخط مهما حاول الشيطان أن يلقي في قلبه من القنوط والتذمر، ويستعين بالصلاة، وبالأخوة الصادقة، وبسيرة الصالحين.

فإذا انكشف الغم وزال البلاء، سجد شكراً لله أن أعانه بالصبر وأن كشف عنه الشدة، ويتذكر حديث النبي[: «مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرَز لا تهتز حتى تحصد» مسلم.. ويكون حاله بعد البلاء خيرا من حاله قبل، وإذا طالت المصيبة حتى انتهت حياته تذكر حديث النبي[: «ليودن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض مما يرون من ثواب أهل البلاء» حسنه الألباني.

وأخيراً ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحقائق صراحة في حديث صهيب قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك، فقال: «ألا تسألونني مم أضحك؟» قالوا: يا رسول الله مم تضحك؟ قال: «عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خيرا، إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير،، وإن أصابه ما يكره صبر فكان له خيرا، وليس كل أحد أمره خير إلا المؤمن» مسلم.

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-652.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]