«التدبير»… تنزيل الأمور في مراتبها وعلى أحكام عواقبها، وأيضا.. إنه سبحانه وتعالى يقضي ويقدر حسب مقتضى الحكمة وهو النظر في أدبار الأمور وعواقبها..
وجاء «التدبير» في حق الله تعالى.. في مواضع من كتاب الله عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (يونس:3)، وفي قوله سبحانه: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}(يونس:31), ويقول تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}(الرعد:2).
كنت وصاحبي في طريقنا إلى مبنى المحاكم.. لحضور جلسة في قضية بينه وبين بعض أقاربه:
– وماذا عن قوله سبحانه: {فالمدبرات أمراً}؟!
– هذه وردت في سورة النازعات حيث يقسم الله عز وجل ببعض ملائكته.. ومنهم «المدبرات أمراً».. التي تباشر تدبير أمور الكون كما أراد الله عز وجل وقضى… فالملائكة هي التي تتولى تنفيذ القضايا الكبرى كنفخ الروح وانتزاعها.. وسوق السحاب وإنزال المطر.. والزرع والرياح وكل ما يحتاج الإنسان: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}(الرعد:11).. أي يحفظونه بأمر الله..
قاطعني:
– ألا توجد آية أن الله يدبر الأمور في يوم كان مقداره ألف سنة؟
– بلى في سورة السجدة: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}(السجدة:5).. والمعنى أن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض في يوم واحد من أيامكم.. مع أن المسافة التي يقطعها تقدر بمسيرة ألف سنة، خمسمائة نزولا ومثلها صعودا.. وذلك أن المسافة بين السماء الدنيا والأرض مسيرة خمسمائة سنة.. وقيل إن الملائكة تقطع في يوم واحد ما يقطعه أحدكم في ألف سنة.. وقيل إن قضاء ألف سنة ينزل في يوم واحد.. وهكذا.. كل ألف سنة ينزل القضاء مرة واحدة.. والظاهر الأول وأن الملائكة تنزل بأمر الله فتدبر أمور الكون جميعا.. فهي تنزل بالأوامر وتعرج بالأعمال.. كل ذلك في أقل من يوم.. كما أخبر الرسول [ «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون» البخاري، وإذا علم المؤمن أن الله هو الذي يدبر الأمر.. أي كل أمر.. في السماء والأرض.. الرزق، الصحة، المرض، السعادة، الشقاء، الأبناء…. وغيرها من أمور بني آدم… فإنه يطمئن.. لان الذي يدبر الأمور هو الله عز وجل… فإذا تيقن المؤمن من ذلك.. لم يحزن على ما فات ولم يجزع بما يقع… ولم يخف مما سيأتي.
[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-669.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]