كم يحتاج المرء من عامة الناس -أعني غير المتخصصين- أن يتعلم في باب الأسماء والصفات؟
– أعتقد أن كل مسلم يجب أن يتعلم القواعد العامة في باب الأسماء والصفات لله عز وجل، حتى يحقق ركن الإيمان بالله، كما يحب ربنا ويرضى.
– هل يمكن أن تلخص لنا هذه القواعد العامة دون الدخول في تفاصيل أهل الاختصاص.
– سأحاول -إن شاء الله.
– أولا: فيما يتعلق بأسماء الله -عز وجل- ونصفها بأنها جميعا أسماء حسنى، وهي أسماء اختارها الله لنفسه -عز وجل- وأعلمنا جزءا منها في كتابه وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وهي أعلام، فلا يجوز أن ننفي اسما اختاره الله لنفسه، ولا يجوز أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه فنؤلف أسماء لله -عز وجل-؛ فالقاعدة هنا أن جميع أسماء الله التي أراد منا معرفتها وردت في القرآن والسنة، وجميع الأسماء تدل على صفات الله -عز وجل-.
– ثانيا صفات الله وردت في القرآن والسنة، وهي كل وصف وصف الله به نفسه، مثل (الرحمن على العرش استوى)، (الرحمن) اسم من الأسماء الحسنى، (على العرش استوى) صفة لله – عز وجل- فنصف الله -عز وجل- بأنه (استوى على العرش)، استواء لا نعرف كيفيته ولا يشبه استواء المخلوقين ومعنى الاستواء معلوم، ونؤمن بهذه الصفة لله كما وردت دون محاولة تغيير معناها.
– ثالثا: كل اسم من الأسماء الحسنى يدل على صفة لله -عز وجل-، بمعنى أننا نشتق صفة لله من كل اسم من أسمائه الحسنى ولكن لا نشتق اسما لله من صفة من صفاته، مثلا من أسماء الله (الرحيم)، نقول هذا الاسم لله يدل على صفة الرحمة اللائقة لله -عز وجل-، وفي المقابل نقول {وكلم الله موسما تكليما}، فمن صفات الله أنه يتكلم متى شاء بما شاء كلاما يليق به سبحانه، فهذه صفة لا نشتق منها اسما لله فليس من أسماء الله (المتكلم).
أظن أن هذه القواعد تكفي المسلم في تحقيق الإيمان بأسماء الله وصفاته.
– جميل، هذه قواعد سهلة، يحتاج المرء فقط أن يطبقها ويعطي معها أمثلة.
– إذاً لنطبقها ونعطي أمثلة.
كنا أربعة نفر، اجتمعنا لشرب الشاي عند مؤذن مسجدنا بعد صلاة العصر، أبومشعل وأبوعمر.
– تفضل يا أبا مشعل، اقرأ آية المصحف، واستخرج صفة لله -عز وجل- واسما من الأسماء الحسنى.
أخذ المصحف، قرأ: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الأنعام:101).
من صفات الله في هذه الآية: {بديع السماوات والأرض} ولا نقول: إن من أسمائه الحسنى -سبحانه- (المبدع)، ومن صفاته أنه: {لا صاحبة له ولا ولد}، ومن صفاته {أنه خلق كل شيء} ومن أسمائه الحسنى {العليم}.
– أحسنت (أبا مشعل).
– أعتقد أن الموضوع أسهل مما يظنه كثير من الناس، وذلك أن معظم المتخصصين لا ينقلون هذا العلم بأسلوب يفهمه العامة.
– والآن الدور عليك يا (أبا عمر).
أخذ (أبوعمر) المصحف، أخذ يقرأ ثم غير رأيه.
– سأقرأ من حفظي.
{هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم}.
{عالم الغيب والشهادة} صفة لله -عز وجل-.
(الرحمن) اسم من الأسماء الحسنى يدل على سعة رحمة الله -عز وجل-، (الرحيم) اسم من الأسماء الحسنى يدل على كثرة رحمة الله عز وجل.
– ممتاز.
– والآن الدور على شيخنا (أبي إبراهيم).
كنا ننتظر أن يقرأ آية لا نحفظها؛ لأنه حافظ لكتاب الله، ونحن نحفظ أجزاء فقط! بدأ يقرأ.
{قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد}.
(الأحد) اسم من أسماء الله الحسنى.
(الصمد) اسم من أسماء الله الحسنى.
(لم يلد ولم يولد) صفة لله -عز وجل- تنفي عنه الولد والوالد، لإثبات وحدانيته، وأنه هو (الأول) فلا شيء قبله وهو (الآخر) فلا شيء بعده، وعندما ننفي صفة عن الله إنما القصد إثبات ضدها، فإذا قلنا {ولا يظلم ربك أحدا}، ننفي الظلم عن الله لتمام عدله -عز وجل.
{لم يكن له كفوا أحد} صفة لله ننفي فيها المثيل والشبيه لإثبات (أحديته) و(انفراده) -عز وجل.
– لقد أدهشتنا يا أبا إبراهيم، جزاك الله خيرا.
ومنذ قرأت حديث النبي –صلى الله عليه وسلم -، مع الصحابي..
كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد (قباء)، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة؛ فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى فقال: ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي –صلى الله عليه وسلم – أخبروه الخبر فقال: «يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة»، فقال: إني أحبها فقال: «حبك إياها أدخلك الجنة» صححه الألباني.
وفي الحديث الآخر: «من قرأ قل هو الله أحد» حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة» حسنه الألباني، وتعلمون جميعا أن الرسول –صلى الله عليه وسلم – أخبر أنها تعدل ثلث القرآن (السلسلة الصحيحة)، وذلك أنها تحتوي على أهم قضية أرسلت بها الرسل .