في صالة الانتظار، التقيت أحد زملاء العمل كان في رحلة إلى تونس لقضاء إجازة الشتاء، وكنت في رحلة قصيرة إلى مصر، على الرحلة نفسها، بدأ حديثنا في الصالة وأكملناه في الطائرة بعد أن تجاورنا في المقاعد لقلة المسافرين نسبيا.

– لماذا الحديث بالتفصيل عن صفات الله عز وجل؟ وما أهمية معرفة هذه الصفات؟ وما الضرر إن جهل أحدنا هذه الصفات لله عز وجل؟- هذا العلم أولا، أشرف العلوم، أحدنا يقضي ثلث عمره يتعلم ما يمكنه من كسب عيشه، ويستمر باقي حياته في البحث والنشر، والمشاركة في المؤتمرات العلمية والاستشارات المهنية وتبادل الخبرات مع الأقران، ويمضي العمر، في علم ينفع دنياه، ثم ماذا؟ سنموت، فماذا أعددنا لما بعد الموت؟ بل ماذا أعددنا للحياة؟؛ لأن من غفل عن الإعداد لآخرته يتحسر كما قال -تعالى-: {يا ليتني قدمت لحياتي} (الفجر:24)، فكأنه لا حياة، إلا الحياة الآخرة؛ ولذلك وصفها الله -عز وجل- بأنها (الحيوان)، أي الحياة الواسعة الحقيقية.

{ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (النعكبوت:64)؛ لذلك ينبغي الإعداد لها بالعلم والعمل، العلم النافع والعمل الصالح، وهذا العلم الذي يتعلق بالله هو أشرف العلوم وأولى ما يقضي به العبد وقته ويفني عمره، ثم ماذا يريد العبد أكثر من أن يعرف ربه معرفة صحيحة كما يحب ربنا ويرضى، سبحانه أراد أن يعرفنا بعض أسمائه وصفاته، فهل هناك أشرف من هذا؟ وهذا هي الوسيلة الوحيدة لمعرفة الله، لا مجال للاجتهاد ولا التخمين، في هذا العلم، ومن حاول ذلك ضلّ، فكما أمرنا الله بالصلاة والصيام وأركان الإسلام، أمرنا بمعرفة أسمائه وصفاته والتقرب إليه بها، ثم هذا العمل هو سبيل النجاة يوم القيامة عندما يؤمر كل أناس أن يتبعوا إلههم؛ فالمؤمنون يعرفون ربهم بما علموا من صفاته في الدنيا.

– أراك أسهبت في الإجابة.

– بل اختصرت؛ لأن الإجابة عن سؤالك يمكن أن يكون موضوعا لكتب ومجلدات.

– ألا يكفي أن نعرف ربنا بأنه الغفور الرحيم الذي يحب خلقه ويهديهم ويغفر لهم، ويسترهم ويرزقهم ويحميهم؟

– قاطعته..

– هل هذه الصفات حفظتها لأنها ثابتة في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم أم أنك تتكلم من خلفية تربيت عليها؟

– بصدق، من خلفية تربيت عليها.

– وهنا الخطورة، مع أن هذه الصفات ثابتة لله -عز وجل- ولكنه ينبغي أن نتعلمها من القرآن والسنة، لا مما نظن ونسمع من آبائنا وأجدادنا حتى لا نقع في الخطأ والزلل، مثلا هل يجوز أن نصف الله أنه سبحانه (يغضب)؟

أو أنه سبحانه (يسخط)؟

– بصراحة، لا أدري.

– إذن ينبغي أن نتعلم هذه الأمور حتى نتعرف على الله كما يريد هو -سبحانه وتعالى-؛ ولأن الله ذكرها لنا في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.