استكمالاً لما تحدثنا في في العدد السابق عن التساؤل حول مشروعية أن نجعل من أسماء الله (المحب) أو (الحبيب) نقول أن من الأدلة على إثبات صفة (الرضى) لله -عز وجل-.

– يقول -سبحانه-: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة:119).

ويقول: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:100).

{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح:18).

     {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة:22).

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (البينة: 7-8).

     وفي الحديث: كتب معاوية رضي الله عنه إلى عائشة -رضي الله عنها- أن اكتبي لي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي، فكتبت عائشة إلى معاوية رضي الله عنه: سلام عليك أما بعد، فإني سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم – يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله إلى الناس والسلام عليك» (صحيح لغيره).

وعن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد» (صحيح لغيره).

وقال –صلى الله عليه وسلم -: «لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله  -عز وجل-؛ لحقره يوم القيامة» (صحيح).

وفي الحديث: «عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم ومرضاة للرب».

     وهنا قاعدة يجب أن يحفظها كل مسلم وهي أن الشر والنقص والعيب لا ينسب إلى الله -عز وجل-، وكل صفة يخطر للعبد أن فيها نقصا وهي ثابتة لله -عز وجل-، يجب  أن يفهم معناها كما يليق بجلال الله وعظمته وكماله.

– هل لك أن تبين لي المقصود من هذه القاعدة بأمثلة؟!

– نعم، مثلا يقول الله -عز وجل-: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (التوبة:67).

     فلا ينبغي لعبد أن يقول من صفات الله (النسيان)؛ لأنها صفة نقص لا تليق بالله -عز وجل-، وقال -تعالى-: {لا يضل ربي ولا ينسى} (طه:52)، فالمعنى هنا أن الله ينسى المنافقين أي يتركهم في العذاب، واللفظ من باب الجزاء من جنس العمل، فقد نسوا أوامر الله، فتركهم في العذاب ولم يخرجهم منه، وهكذا في الصفات جميعها التي فيها نقص أو شر، الشر لا ينسب إلى الله، فمن دعاء النبي: «والشر ليس إليك» صححه الألباني، فنقول ذلك في شرح قول الله -تعالى-: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} (الرعد:27)، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (النحل:93)، وكذلك {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (فاطر:8).

– أظن أنني أحتاج مزيد شرح في جلسة أخرى.