– إذا كان من صفات الله -عز وجل- أنه يحب أقواما وأعمالا وأخلاقا، فهو كذلك لا يحب آخرين ولا أعمالا أخرى، ولا أخلاقا أخرى، وورد في كتاب الله آيات كثيرة تبين فئات من الناس وأشياء لا يحبها الله، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول -تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(البقرة: 190)، {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}(آل عمران: 32)، {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}(الأنفال: 58)، {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}(الحج: 38)، {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(لقمان: 18)، {وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}(البقرة: 205)، {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}(البقرة: 276)، {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(آل عمران: 57). وآيات أخرى كثيرة.

– عقب صاحبي.

– وبالطبع نقول في هذه الصفة ما نقول في جميع صفات الله -عز وجل-: إن الله لا يحب هؤلاء الناس، وهذه الأعمال كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، لا نشبه بصفات المخلوقين، ولا ننكر هذه الصفة لله -عز وجل.

– نعم، أصبت يا (أبا محمد)، ويمكن للعبد أن يلاحظ درجات هذه الصفات لله -عز وجل- (الحب – الرضى- عدم الحب- السخط- الكره) كلها ثابتة لله -عز وجل-؛ فينبغي على العبد أن يبتعد عن مناطق سخط الله وكره الله -سبحانه-، ويتدرج في رضى الله -سبحانه-، ويسعى أن ينال حب الله -عز وجل- وهذه لا تأتي بالتمني، ولكن بالعلم النافع والعمل الصالح.

– كنت وصاحبي ننتظر صلاة العشاء، أخذنا مجلسنا في زاوية المسجد الخلفية، لا نشوش على (أبي عبدالله) الذي كان يقرأ القرآن في الصف الأول.

– إني لأعجب لرجل يحرص على صلاة الفجر ولا يدع فريضة إلا ويؤديها في المسجد جماعة، ثم يعرض عن مجلس العلم ولا يقرأ كتاباً، ولا يستمع إلى درس، يكتفي بما عنده، مع أن لديه من الأوقات ما يقضيه في لغو الحديث، واللهو واللعب.

– لم أعلق على مقولة صاحبي.

عندما يقرأ أحدنا الآيات التي تبين صفات من لا يحبهم الله، والأعمال التي لا يحبها الله يصبح لديه دافع كبير أن يتجنب هذه الأخلاق والأعمال، مثلاً: قوله -تعالى-: {والله لا يحب الظالمين}، وإن كان الشرك هو أعظم الظلم، ولكن العبد يحرص ألا يكون من الظالمين بأي درجة من الظلم كانت؛ لأن الله لا يحب الظالمين، وهو أعلم بالظالم وإن خفي على الناس وعلى القاضي.

وكذلك عندما يقول -سبحانه-: {والله لا يحب الفساد}، ينتبه العبد ألا يكون سببا للفساد أي فساد، لأن الله لا يحب الفساد، ولا يحب المفسدين، وهكذا في جميع ما ورد في القرآن عن الأخلاق والأعمال التي لا يحبها الله -سبحانه وتعالى.- لنبحث في الهاتف عن بعض الآيات الأخرى التي تبين ما لا يحبه الله -عز وجل.

أخرج صاحبي هاتفه في أقل من دقيقة.

– نتيجة البحث (33) آية، دعني أقرأها لك.

{لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}(النساء: 148)، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(المائدة: 64)، {وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}(الأنعام: 141)، {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿}(الأعراف: 31)، {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(الأعراف: 55)، {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}(النحل: 23)، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}(الروم: 45)، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(الشورى: 40)، {لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(الحديد: 23).

– هل لديك باحث في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟

– نعم، لدي (الدرر السنية) لنبحث فيها.

وظهرت نتيجة البحث، الأحاديث الصحيحة الآتية:

عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش» (الصحيحة).

وفي حديث سفيان بن سهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «لا تسبن أحدا ولا تحقرن شيئاً من المعروف وإن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار؛ فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك، فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه»(السلسلة الصحيحة)، (أخرجه أبو داود والترمذي).

وعن أبي ذر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة، فذكر الحديث إلى أن قال: قلت: فمن الثلاثة الذين يبغضهم الله، قال: المختال الفخور وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل إن الله لا يحب كل مختال فخور، والبخيل، والمنان، والتاجر أو البائع الحلاف»(صحيح).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظلم! فإن الظلم هو ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش! فإن الله لا يحب الفاحش والمتفحش وإياكم والشح! فإن الشح دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم»(صحيح).

دعني أذهب أجدد وضوئي قبل الأذان، ذهب صاحبي وأخذت مصحفي أتابع ختمتي الشهرية.