كثير من الناس لا يفكر في دارسة صفات الله -عز وجل- ، ومنهم من يعرف شيئا من الأسماء الحسنى ليرددها في الأناشيد والتواشيح التي يصفونها بأنها (إسلامية)، حتى إن بعضهم لحن الأسماء الحسنى أغنية تردد في المناسبة (الدينية)!

– ولماذا الاعتراض على ذلك؟! يقول لك ترديد هذه الأسماء الحسنى، – ولو في الأناشيد والتواشيح

– يعلّم عوام الناس ويسهل عليهم حفظها.

– إن الأسماء الحسنى والصفات العلا لله -عز وجل-، أشرف من أن تكون موضوع تواشيح وأناشيد، إنها أشرف علم وأعظم ما يتقرب به العبد لربه، وينبغي أن تدرّس وتعلّم وتحفّظ، إنها السبيل الوحيد لمعرفة الله، وعبادته كما يحب ربنا ويرضى.

– أراك تكثر من عبارة: (كما يحب ربنا ويرضى)، هل من سبب لذلك؟

قال صاحبي مبتسما.

– إن (الرضا) من صفات الله -عز وجل-، وكذلك (السخط)؛ فإن الله (يرضى)، و(يسخط)، كما يليق بجلاله سبحانه، لا كرضا المخلوقين ولا كسخط المخلوقين، و(الرضا والسخط) معلومان لغة إلا أنهما في حق الله صفتان تليقان بجلاله لا نعلم كيفيتهما ولا نقيسهما على صفات المخلوقين، والأدلة كثيرة من الكتاب والسنة، ومنها قوله -تعالى-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:100)، وقوله -تعالى-: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} (المائدة:119)، وقوله -تعالى-: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح:18)، وقوله -تعالى: {اتبعوا ما أسخط الله} (محمد:27).

وفي صحيح مسلم أنه قال: «إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها»، فالشاهد قوله: إن الله يرضى، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» أخرجه مسلم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: فقدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم – ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم.

– ولماذا ينكر أحد صفة (الرضا) أو (السخط) في حق الله -عز وجل.

– ينكر بعض الناس هاتين الصفتين وغيرهما في حق الله؛ لأنهم يقيسون صفات الله -سبحانه- على صفات المخلوقين، يقولون: (الرضا) صفة تدل على ميل القلب وانكساره، وهذه ينزه الله عنها، والرد على ذلك أن تعريف (الرضا) بهذه الكلمات إنما هو (رضا) المخلوق، أما الرب -سبحانه- فلا يوصف رضاه بهذه الكلمات، بل لا يوصف على الإطلاق، وإنما يقال الرضى من صفات الله -عز وجل- دون كيفية ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل، وإنما نقول: «إن الله يرضى»؛ لأنه -سبحانه- أخبرنا بذلك والرسول -صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بذلك، وإلا لما قلناه دون أن نتخيل كيفية لهذا الرضا، أو السخط من الله -عز وجل.