– أنا أفهم أن الغاية من معرفة الأسماء الحسنى أن ندعو الله تعالى بما يتناسب من أسمائه الحسنى، {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأعراف:180)، ولكن أشعر أن بعض الأسماء الحسنى لا تستخدم للدعاء مثل اسم (المصور) أو (السلام) أو (المتكبر)، وغيرها.
كنت وصاحبي على طاولة العشاء في بهو الفندق بعد أدائنا العمرة.
– ومن قال إن الغاية من معرفة الأسماء الحسنى هي الدعاء فقط؟ ومن قال إن الدعاء هو المسألة فقط؟
لم أنتظر تعليق صاحبي وتابعت.
– إن أعظم غاية من (إحصاء الأسماء الحسنى)، هي معرفة أسماء الله، والتعرف إلى الله بأسمائه التي أنزلها إلينا، وأرادنا أن نعرفه بها، وهل هناك أعظم وأشرف وأنبل من علم يجعلك تعرف ربك بطريقة صحيحة؟! إن معرفة الأسماء الحسنى تورث معرفة بالله -عزّ وجلّ- وهذا يورث إيمانا وحبا وخوفا ورجاء وخشية تجاه الله، ربنا وخالقنا، وبارئنا، ومصورنا، سبحانه وتعالى.
كلما ازددت معرفة بالأسماء الحسنى التي ارتضاها الله لنفسه وعرفت المعنى، قوي إيمانك، واستقامت عقيدتك بالله -سبحانه وتعالى-، هذه أعظم غاية من دراسة الأسماء الحسنى.
أحضر النادل طلبنا، لم يكن كما توقعنا، نظر إليَّ صاحبي.
– أظن أننا سنأكل في مطعم آخر.
استجبت لرغبة صاحبي.
تابعنا نقاشنا.
– وبالطبع من فوائد معرفة الأسماء الحسنى أن يدعو العبد بالاسم المناسب، فيسأل (الغفور الرحيم) المغفرة، ويسأل (الغني الكريم) الغنى، ويسأل (القريب المجيب) الإجابة، وكذلك يراقب (العليم الخبير) و(الخبير البصير)، ويحفظ لسانه من (السميع العليم)، ويخضع لـ(الكبير المتعال)، ويلجأ إلى (القوي العزيز)، وهكذا.
ويعرف معنى كل اسم من الأسماء الحسنى، وإن تقاربت الأحرف، (الغفور والغفار)، و(الخالق والخلاق)، و(القاهر والقهار)، و(الواحد والأحد)، و(القادر والقدير والمقتدر) و(العلي والأعلى والمتعال)، و(العليم والخبير)، وكذلك يتدبر الآيات التي ختمت بالأسماء الحسنى، ولماذا ختمت بعض الآيات بـ(العليم الحكيم) وبعضها بـ(الحكيم العليم)؟ ولماذا ختمت بعضها بـ (العزيز الحكيم)؟
إن تعلم الأسماء الحسنى ومعرفتها يورث أمورا في القلب، ويوجد أخلاقا وتصرفات لا يمكن تحصيلها من غير هذا العلم.
وصلنا مكانا آخر لتناول العشاء.
– ولكن ليس عامة المسلمين على علم بهذه المعاني التي تتحدث عنها.
– أنا لم أطلب من عامة المسلمين الإحاطة بهذا العلم، لا شك أن المطلوب من المسلم أداء الفرائض والابتعاد عن الكبائر وعدم الوقوع في الشرك والبدع، ولكن إذا كان المرء يريد أن يقضي وقته في تعلم شيء يعود عليه بالنفع في الدنيا والأجر في الآخرة فالأسماء الحسنى لا مثيل لها، ولكن دعني أطلب من عامة المسلمين ألا يسموا الله بما لا يسم به نفسه، بمعنى ألا ننسب إلى الله -عز وجل- أسماء غير صحيحة، فنسأل عند قراءتنا لأي اسم من الأسماء الحسنى، ما الدليل من القرآن والسنة أن هذا الاسم ثابت لله -عز وجل-؟ وهكذا نبدأ بأسلوب جديد في التعامل مع الأسماء الحسنى بدل التساهل الذي نراه في نشر أسماء لا تصح لله -عز وجل-.
– وماذا عن الدعاء بالأسماء الحسنى؟
– إن قولك: (سبحان الملك القدوس) دعاء، وقولك: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) دعاء، وقولك: (يا حي يا قيوم برحتمك أستغيث) دعاء، وهذه الأدعية من أدعية العبادة وهي أبلغ من دعاء المسألة، ولك أن تسبح الله بأسمائه الحسنى، فتنال من الأجر ما لا يعلمه إلا الله، وهذا من قوله تعالى: {فادعوه بها}.