متابعة لنقاشنا عن الأحاديث التي تنفي دخول الجنة (لا يدخل الجنة).. لمن وقع في بعض الذنوب بأنه ليس منعاً دائماً، ولا يعني الخلود في النار، تابعت حديثي.

– وكذلك الأحاديث التي تنفي الإيمان، لا تعني الدخول في الكفر، أو الخروج من الملة.

استوقفني (جابر).

– ما الأحاديث التي تعنيها؟نريد أمثلة.

– مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل من يا رسول، قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه» البخاري، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» البخاري.

هذه الأحاديث تنفي الإيمان، لفظا ومعناه جاء في شرح البخاري وشرح مسلم كما يلي بالنص:

وهي مبالغة تنبئ عن تعظيم حق الجار وأن إضراره من الكبائر. قال: ويفترق الحال في ذلك فيما يتعلق بالجار الصالح وغير الصالح، والذي يشمل الجميع إرادة الخير له، وموعظته بالحسنى ، والدعاء له بالهداية.

وقال النووي عن نفي الإيمان في مثل هذا جوابان:

أحدهما: أنه في حق المستحل، والثاني: أن معناه ليس مؤمنا كاملا ا هـ، ويحتمل أن يكون المراد أنه لا يجازى مجازاة المؤمن بدخول الجنة من أول وهلة مثلا، أو أن هذا خرج مخرج الزجر والتغليظ، وظاهره غير مراد.

تدخل عبدالرحمن:

– والله كان هذا الحديث مصدر حيرة بالنسبة لي.. «كيف يوصف بالكفر من يؤذي جاره؟»، حقا إن العلم نور.

– بل الواجب علينا جميعا، ولا سيما الشباب، الجلوس إلى العلماء والاستماع إلى شروحهم للأحاديث  والآيات ولا سيما المتعلقة بقضايا الإيمان والكفر والجنة والنار والجهاد والشهادة؛ لأنها قضايا عظيمة تمس عقيدة العبد ونهايته وحياته ومماته.

     وكذلك الحديث الذي فيه نفي الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فان فيه نفي كمال الإيمان، أو بيان أن هذه الخصلة من خصال الإيمان التي ينبغي أن يتخلق بها المؤمن، أو أن الذي يدعي الإيمان ينبغي أن يكون هذا خلقه، كما في الأحاديث التي فيها نفي الإيمان عمن يقع في بعض الذنوب، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن…» الحديث البخاري، ففي الشرح:

     لا نعلم أحدا كفر أحدا بالزنا والسرقة والشرب يعني ممن يعتد بخلافه، قال: وقد روي عن أبي جعفر يعني الباقر أنه قال في هذا: خرج من الإيمان الى الإسلام يعني أنه جعل الإيمان أخص من الإسلام فإذا خرج من الإيمان بقي في الإسلام وهذا يوافق قول الجمهور إن المراد بالإيمان هنا كماله لا أصله.

     قيد نفي الإيمان بحالة ارتكابه لها، ومقتضاه أنه لا يستمر بعد فراغه، وهذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون المعنى أن زوال ذلك هو إذا أقلع الإقلاع الكلي، وأما لو فرغ وهو مصر على تلك المعصية فهو كالمرتكب فيتجه أن نفي الإيمان عنه يستمر، ويؤيده ما وقع في بعض طرقه كما سيأتي في المحاربين من أقوال ابن عباس «فإن تاب عاد إليه».

وهكذا في جميع الأحاديث ينبغي أن تكون القاعدة، «لا يكفر أحد إذا وقع في المعصية إلا إذا كان مستحلا لها، ولا يخلد في النار إلا من مات مشركا بالله، أو كافرا خرج من ملة الإسلام».