في دروسنا الرمضانية عن الأسماء الحسنى، ولا سيما ما اقترن منها في خواتيم آي الكتاب الحكيم، سألني أحدهم عن الفرق بين القادر والمقتدر؟ وكان سؤاله مفتاحا لمجموعة دروس أخرى حول معاني الأسماء الحسنى المتقاربة، دعوته بعد الدرس إلى مكتبي لمناقشة هذا الموضوع ولاسيما وأن فترة ما بعد العصر إلى المغرب تمتد لأكثر من ثلاث ساعات.

– من المعلوم أن الأسماء الحسنى وإن اقتربت في حروفها، يحمل كل اسم معنى جديدا مختلفا وإن زاد بحرف واحد، وهذا بمقتضى اللغة العربية التي أنزل القرآن بها.

– جميل.

أخذ كل منا مجلسا مريحا، بعد أن وضعت الحاسوب المحمول بيننا.

– لو تتبعنا الآيات التي ورد فيها اسم الله (القادر) لوجدنا أنها تتعلق بأمر واحد، أو بخلق واحد مثل ما يتضح من الآيات الآتية:

     {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (الأنعام:37). {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا} (الإسراء:99). {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} (يس:81). {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ ۚ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (الأحقاف:33).

{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (القيامة:40).

{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} (الطارق:8).

     ففي الآية الأولى يبين الله قدرته على (إنزال آية)، آية تبرهن صدق رسوله وتؤيد رسالته، وفي آية  (الإسراء) يذكر الله قدرته على (أن يخلق مثلهم)، وكذا في آية (يس)، وفي آية (الأحقاف) ينبه الله إلى قدرته على (إحياء الموتى)، وكذا في آية (القيامة) وفي الآية من سورة (الطارق) يبين الله قدرته على (بعث الإنسان)، فهو سبحانه (قادر) على هذه الأمور منفردة.

قاطعني:

– الآية من سورة (يس) ذكرت (القادر) وسطها و(القدير) في آخرها.

– أحسنت كنت سأذكر ذلك وهي توضح متى يرد اسم (القادر) في كتاب الله، إذا كان الأمر يتعلق (بكل شيء)، مثل هذه الآية والآيات التالية من كتاب الله.

     {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:20). {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:106). {قُلِ اللهمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ أنك عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران:26).

     {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران:29). {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  } (المائدة:19). {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (المائدة:120). { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (الأنفال:41).

{  إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (هود:4).

     {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (النحل:77). {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (الحج:6). {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ          } (العنكبوت:20). {فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الروم:50). {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (فصلت:39).

– وماذا عن (المقتدر)؟

– اسم الله  (المقتدر)، تعلق بالذات الإلهية وليس بالمخلوقات، وورد مرتين فقط في كتاب الله اقترن بـ(العزيز) مرة، وباسم الله (المليك) في المرة الثانية، وعندما يتعلق الاسم بالذات الإلهية يكون في أبلغ صيغة لغوية، (المقتدر) سبحانه أبلغ من (القادر) و(القدير)، فهو (القادر) في ذاته، الذي يملك القدرة المطلقة، ويمنحها لمن يشاء، سبحانه وتعالى.