– وما الفرق بين الملك والمليك؟
– تعلم أن اللغة العربية فيهامن الرقة والجمال مالا يوجد في اللغات الأخرى، وكلما زاد حرف في الكلمة زاد المعنى.. (المليك) هو الملك العظيم الملك، فهو من صيغ المبالغة على وزن (فعيل)، واقترن هذا الاسم العظيم لله -عزوجل- باسم آخر في الموضوع الوحيد الذي ورد فيه بالقرآن الكريم وهو (المقتدر).. وكما تدارسنا سابقاً (المقتدر) أبلغ من (القادر) و(القدير) فهو ذو القدرة المطلقة وكل قدرة فهي منه سبحانه وتعالى، فإذا كان عظيم الملك.. عظيم القدرة ليس بها حد ولا نهاية فهو يتصرف في ملكه كيف يشاء -عزوجل- ولاشيء مخلوق إلا وهو ضمن ملكه.
قاطعني
هل الآية التي اقترن فيها الاسمان هي آخر آيه من : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} (القمر:55،54)؟
نعم.. وهي الآية الوحيدة التي ورد فيها اسم المليك في القرآن.
هلا.. اطلعنا على شيء من تفسير هذه الآية؟. في أقل من دقيقة كانت أمامنا تفاسير هذه الآية الكريمة.
عن جعفر الصادق رضي الله عنه مدح الله المكان بـ (الصدق)، فلا يقعد فيه إلا الصادقون. واسمع ما قاله ابن القيم في دار السعادة:
«فكيف يحسن بذي همة قد أزاح الله عنه علله، وعرفه السعادة والشقاوة أن يرضى بأن يكون حيوانا وقد أمكنه أن يصير إنسانا، وبأن يكون إنسانا وقد أمكنه أن يكون ملكا، وبأن يكون ملكا وقد أمكنه أن يكون ملكا في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فتقوم الملائكة في خدمته وتدخل عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. وهذا الكمال إنما ينال بالعلم ورعايته والقيام بموجبه، فعاد الأمر إلى العلم وثمرته، والله تعالى الموفق. وأعظم النقص وأشد الحسرة نقص القادر على التمام وحسرته على تقويته كما قال بعض السلف إذا كثرت طرق الخير كان الخارج منه أشد حسرة وصدق القائل:
ولم أر في عيوب الناس عيبا..
كنقص القادرين على التمام
فثبت أنه لا شيء أقبح بالإنسان من أن يكون غافلا عن الفضائل الدينية والعلوم النافعة والأعمال الصالحة فمن كان كذلك فهو الهمج الذين يكدرون الماء، ويغلون الأسعار إن عاش عاش غير حميد وإن مات مات غير فقيد فقدهم راحة للبلاد والعباد ولا تبكي عليهم السماء ولا تستوحش لهم الغبراء .
وفي موضوع آخر من الكتاب ذاته:
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}(الذاريات:21) فدعا عباده إلى التفكر في أنفسهم والاستدلال بها على فاطرها وباريها ولولا هذا لم نوسع الكلام في هذا الباب، ولا أطلنا النفس إلى هذه الغاية، ولكن العبرة بذلك حاصلة والمنفعة عظيمة والفكرة فيه؛ مما يزيد المؤمن إيمانا فكم دون القلب من حرس، وكم له من خادم، وكم له من عبيد ولا يشعر به ولله ما خلق له، وهيأ له، وأريد منه، وأعد له من الكرامة والنعيم أو الهوان والعذاب فإما على سرير الملك في مقعد صدق عند مليك مقتدر ينظر إلى وجه ربه ويسمع خطابه وإما أسير في السجن الأعظم بين أطباق النيران في العذاب الأليم فلو عقل هذا السلطان ما هيأ له لضن بملكه ولسعي في الملك الذي لا ينقطع ولا يبيد، ولكنه ضربت عليه حجب الغفلة ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
كلام جميل.. وهل ورد هذان الاسمان في موضع آخر من كتابه الله؟!. أما (المليك) فلم يرد إلا في هذا الموضع.. و(المقتدر) ورد مقترنا بـ (العزيز).
{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } (القمر:42).
هذه من أسماء العظمة والجلال والملك والقدرة لله -عزوجل- غكيف لأحد أن يدعو غيره سبحانه؟. وكيف لأحد أن يشرك معه غيره سبحانه؟ بل كيف لأحد أن يجرؤ أن يخالف أمره في ملكه وتحت قدرته. سبحانه (المليك المقتدر)؟