– آية الكرسي كلها ذكر لأسماء الله وصفاته، تستطيع أن تقرأها.

الله.. لا إله إلا هو

الله.. الحي القيوم

الله.. لا تأخذه سنة ولا نوم

الله.. له ما في السموات وما في الأرض

الله.. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه

الله.. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم

الله.. ولا يحيطون بشيء من عمله إلا بما شاء

الله.. وسع كرسيه السموات والأرض

الله.. ولا يؤوده حفظهما

الله.. وهو العلي العظيم.

– من أين أتتك هذه الطريقة في قراءة آية الكرسي؟

– سمعتها من أحد الدروس في (اليوتيوب)، واستقرت في خلدي، فهي كلها أسماء وصفات لله، لذلك قال عنها رسول الله [ في حديث أبي بن كعب عندما سأله «أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟» قال: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، ضرب الرسول [ صدره وقال: «والله ليهنك العلم أبا المنذر» (مسلم).

كنت وصاحبي في حوارنا اليومي، أصبحت كل حواراتنا حول قضايا شرعية لا نتحدث عن السياسة، رغم سخونة الأوضاع، ولا عن الاقتصاد، ولا عن الآخرين.

– هل تعلم كم مرة ورد (العلي العظيم) في كتاب الله؟

– لا أعرف إلا هذا الموضع في آية الكرسي في سورة البقرة.

– بل ورد مرة أخرى في الآية الرابعة من سورة الشورى، { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (الشورى:4).

– دعنا نبحث في كتاب التفسير.

وبالفعل جمعنا من بعض كتب التفسير ما يلي.

     {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴿4﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ} (الشورى:4-5)، أي من فوق الأرضين وقيل تنفطر كل واحدة فوق التي تليها من عظمة الله تعالى، وقيل من قول المشركين اتخذ الله ولدا {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} (الشورى:5)، أي ينزهونه عما لا يليق بجلاله، وقيل يصلون بأمر ربهم: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ } (الشورى:5)، أي من المؤمنين دون الكفار؛ لأن الكافر لا يستحق أن تستغفر له الملائكة.

(وهو العلي) بذاته، على جميع مخلوقاته، وهو العلي بعظمة صفاته، وهو العلي الذي قهر المخلوقات، ودانت له الموجودات، وخضعت له الصعاب، وذلت له الرقاب.

(العظيم) الجامع، لجميع صفاته العظمة والكبرياء، والمجد والبهاء، الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء، وإن جلت عن الصفة، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم.

وفي تفسير ابن عثيمين

الفوائد:

1- من فوائد الآية: إثبات هذه الأسماء الخمسة، وهي (الله)، (الحي)، (القيوم)، (العلي)، (العظيم)، وما تضمنته من الصفات.

2- ومنها: إثبات انفراد الله تعالى بالألوهية في قوله تعالى: {لا إله إلا هو}.

3- ومنها: إبطال طريق المشركين الذين أشركوا بالله، وجعلوا معه آلهة.

4- ومنها: إثبات صفة الحياة لله عز وجل، وهي حياة كاملة: لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال، ولا توصف بنقص، كما قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الحديد:3)، وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} (الفرقان: 58)، وقال تعالى: {وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (الرحمن: 27).

5 – ومنها: إثبات القيومية لله عز وجل، لقوله تعالى: (القيوم)، وهذا الوصف لا يكون لمخلوق؛ لأنه ما من مخلوق إلا وهو محتاج إلى غيره: فنحن محتاجون إلى العمال، والعمال محتاجون إلينا، ونحن محتاجون إلى النساء، والنساء محتاجة إلينا، ونحن محتاجون إلى الأولاد، والأولاد يحتاجون إلينا، ونحن محتاجون إلى المال، والمال محتاج إلينا من جهة حفظه، وتنميته، والكل محتاج إلى الله عز وجل، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (فاطر: 15)، وما من أحد يكون قائما على غيره في جميع الأحوال، بل في دائرة ضيقة، ولهذا قال الله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} (الرعد: 33)، يعني الله، فلا أحد سواه قائم على كل نفس بما كسبت.

وجملة: {ولا يؤوده حفظهما} عطفت على جملة: {وسع كرسيه}؛ لأنها من تكملتها وفيها ضمير معاده في التي قبلها، أي إن الذي أوجد هاته العوالم لا يعجز عن حفظها.

وآده جعله ذا أود. والأود بالتحريك العوج، ومعنى آده أثقله؛ لأن المثقل ينحني فيصير ذا أود.

{وسع كرسيه السماوات والأرض} يريد هو أعظم من السموات السبع والأرضين السبع {ولا يؤوده حفظهما} يريد ولا يفوته شيء مما في السموات والأرض {وهو العلي العظيم} يريد لا أعلى منه، ولا أعظم، ولا أعز، ولا أجل، ولا أكرم.

وفي (الفوائد) لابن القيم:

     وجماله سبحانه على أربع مراتب جمال الذات، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، فأسماؤه كلها حسنى، وصفاته كلها صفات كمال، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة وعدل ورحمة. وأما جمال الذات وما هو عليه فأمر لا يدركه سواه ولا يعلمه غيره، وليس عند المخلوقين منه إلا تعريفات تعرف بها إلى من أكرمه من عباده، فإن ذلك الجمال مصون عن الأغيار محجوب بستر الرداء والإزار كما قال رسول الله [ فيما يحكى عنه: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري»، ولما كانت الكبرياء أعظم وأوسع كانت أحق باسم الرداء، فإنه سبحانه الكبير المتعال فهو سبحانه العلي العظيم. قال ابن عباس: حجب الذات بالصفات وحجب الصفات بالأفعال، فما ظنك بجمال حجب بأوصاف الكمال وستر بنعوت العظمة والجلال؟.

وفي طريق (الهجرتين):

     وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السموات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد. قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ} (الإسراء: 60)، وقال: {  وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ  } (البروج: 20)، ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنيين: اسم العلو الدال على أنه (الظاهر) وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة، وأنه لا شيء دونه كما قال تعالى: {وهو العلي العظيم}، وقال تعالى {وهو العلي الكبير}، وقال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة: 115)، وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء فهو (الباطن) بذاته فليس دونه شيء بل ظهر على كل شيء فكان فوقه وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه وهو محيط به؛ حيث لا يحيط الشيء بنفسه وكل شيء في قبضته وليس شيء في قبضة نفسه فهذا أقرب لإحاطة العام.