سقط سهواً من كتابي (إحصاء ما اقترن من الأسماء الحسنى)، اسمان مقترنان من الأسماء الحسنى (الحكيم الحميد)، نبهني إلى ذلك أحد الحضور، شكرته على تنبيهه وحُسن اطلاعه، ووعدت الحضور بزيارة ثانية لبيان هذين الاسمين، وذلك في ديوان أحد معارفي.
– (الحكيم) اسم من الأسماء الحسنى، ورد في كتاب الله -عزّ وجلّ- إحدى وتسعين مرة، يأتي أول الاسمين أحيانا وثاني الاسمين أحيانا أُخر.
اقترن بـ(العزيز) سبعا وأربعين مرة، وأتى بعده، وأتى بعد (الواسع) مرة واحدة، وبعد (العليم) تسعا وعشرين مرة، وقبله سبع مرات، وبعد (التواب) مرة واحدة، وبعد (العلي) مرة واحدة، وقبل (الخبير) أربع مرات، وقبل (الحميد) مرة واحدة.
بحث صاحبي في جهاز الحاسوب عن الآية التي اقترن فيها (الحكيم الحميد).
– ها هي ذي، الآية 42 من سورة فصلت: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت:42).
في هاتين الآيتين يصف الله كتابه بأنه (عزيز)، وأنه { تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، فإذا كان من ذي الحكمة المطلقة والحكم المطلق، (الحكيم) في تدبير شؤون خلقه وتصريف أمورهم لما فيه مصالحهم، فآياته (محكمة) لا نقص فيها ولا تناقض بينها من حكم به عدل، ومن تمسك به هدي.
وفي الحديث: «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض»، السلسلة الصحيحة.
و(الحميد)، (المحمود)، الذي يحمده (يثني عليه) جميع خلقه، والمستحق للثناء سبحانه، وهو سبحانه يثني على نفسه، وتثني عليه الملائكة.
واجتماع (الحكيم الحميد)، فإنه ثناء على الله لحكمته وحكمه، أنزل القرآن الذي هو كلامه عز وجل، تكلم به حقيقة فلا نعمة أعظم من هذا الكتاب، وتكفل سبحانه بحفظه، وأرسل رسوله إلى محمد صلى الله عليه وسلم لبيانه وتلاوته، فلا يحتاج الخلق بعد ذلك إلى شيء لمعرفة الحق من الباطل والهدى من الضلال، ولا تلتبس عليهم الأمور.
كنت وصاحبي نعد المادة العلمية التي وعدت بها أصحاب الديوان.
استمع إلى ما قاله الشيخ ابن القيم رحمه الله: { تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} أي محمود على ما أسدى من النعم التي منها تنزيل الكتاب، وحمده سبحانه: بلسان الحال متحقق من كل منعم عليه وبلسان المقال متحقق ممن وفق لذلك.
ولكن – مع أنه حكيم – يدعو إلى كل خلق كريم، وينهى عن كل خلق لئيم، أكثر الناس محرومون الاهتداء به، معرضون عن الإيمان والعمل به، إلا من وفقه اللّه -تعالى- وعصمه، وهم المحسنون في عبادة ربهم والمحسنون إلى الخلق.
بأنها من عند الله، فهم يجهلون أنها من الله، وأنها تنزيل من حكيم حميد.
[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2014/06/Pages-from-issue_778.pdf” color=”red” newwindow=”yes”] تحميل[/button]