– ورد اسم (الرب) لله تعالى معرفا منونا على الإطلاق مرتين في كتاب الله:
{سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (يس:58).
{بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (سبأ:15).
– هذان الاسمان باقترانهما يبعثان الطمأنينة في قلب العبد؛ وذلك أن (الرب) (رحيم)، ولكن ماذا عن الآيات التي فيها (ربنا) (ربكم) (رب العالمين)؟!
– نعم الآيات التي فيها تحريفات (رب) مضافا أو مقيدا كثيرة في كتاب الله، ولكن القواعد التي اعتمدناها في معرفة أسماء الله الحسنى تتطلب الإطلاق والتعريف، وهذه وردت مرتين، والصيغ الأخرى وردت أكثر من سبعمائة مرة.
كنت وصاحبي في طريقنا لتهنئة أحد الحجاج بالرجوع بعد أداء الفريضة، كانت النية أن ننهي المهمة بين العشاءين، ولكن ازدحام الطريق اضطرنا لأداء الأخيرة في المسجد القريب من منزل صاحبنا.
– وهل (الرب) يطلق على غير الله؟
– بهذا اللفظ (الرب) كلا، لا يطلق إلا على الله عز وجل، أما بالإضافة فيطلق على كل شيء: {إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} (يوسف:50)، فكل من ملك شيئا فهو ربه، (رب الدار)، (رب الدابة)، وفي الحديث: «أن تلد الأمة ربتها» مسلم وغيره.
– ومعنى (رب) لغة؟!
– في تاج الفردوس.. الرب يطلق على المالك والسيد والمدبر والمربي، وفي حديث دعاء الآذان: «اللهم رب هذه الدعوة التامة»، أي صاحبها وقيل المتمم لها.
فالله عز وجل (خالق كل شيء)، فهو (رب كل شيء) بحق وعلى الإطلاق، سبحانه تكفل برزق جميع خلقه وتدبير شؤونهم، أوجد لهم أسباب الحياة قبل أن يخلقهم، ولم يجعل أسباب الحياة بيد أحد من خلقه.
وفي التفسير: {سلام قولا من رب رحيم} أي: من أهم ما يدعون: سلام يقال لهم قولا من رب رحيم، بلا واسطة؛ مبالغة في تعظيمهم، وذلك غاية متمناهم، فضلا عن رؤيته.
ومن مقتضى الرحمة: الإبقاء عليهم مع ذلك يستمعون كلامه وسلامه بلا واسطة، وأكد بقوله: {قولا}، وبقوله: {من رب رحيم} ليعلم أنه ليس على لسان سفير، والرحمة في تلك الحالة أن يرزقهم الرؤية في حال التسليم عليهم، ليكمل لهم النعمة {سلام} حاصل لهم {من رب رحيم} ففي هذا كلام الرب تعالى لأهل الجنة وسلامه عليهم، وأكده بقوله: {قولا} وإذا سلم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلام التامة من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذي أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، فلولا أن الله تعالى قدر أن لا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرحة والبهجة والسرور، لحصل ذلك.
اقترح علي صاحبي أن نتناول العشاء معا، قبلت دعوته بعد أن ترك لي اختيار المكان، أراد أن ينهي حديثنا.
إن اسم الله (الرب) يعطي الانطباع بالملكية وحرية التصرف، وأراد الله أن يتحبب إلى خلقه فقرن اسم (الرب) بـ(الرحيم) وبـ(الغفور)، فرغم أنه -سبحانه- له مطلق التصرف في خلقه، فإنه يذكر خلقه لا بعدله وأنه لن يظلم أحداً، بل برحمته وعفوه، فهو (رب رحيم) سبحانه وتعالى.
[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2014/01/Pages-from-issue_760.pdf” color=”red” newwindow=”yes”] تحميل[/button]