{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة:186).

{وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ } (هود:61).

{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} (سبأ: 50).

     كنا أربعة نفر في طريقنا لقضاء يوم في الصحراء لنتمتع بالجو الشتوي الذي بدأ مبكرا هذا العام بنزول أمطار مع نهاية أكتوبر، أحدنا فقط كان يحمل معه جهاز (الآيباد) المتصل بشبكة الاتصال العالمي، فضلا عن المكتبة الشاملة، التي صارت مرافقنا الدائم في رحلاتنا واجتماعاتنا.

– ما أجمل آية البقرة في الدعاء وهي الآية التي يستشهد بها العلماء لبيان ضرورة التوجه إلى الله مباشرة في الدعاء؛ حيث إن  الآيات التي فيها «سؤال»، مثل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ} (البقرة: 189)، {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} (البقرة: 219)، {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ…} (البقرة: 217)، {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ…}(البقرة: 219)، {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ..}(المائدة: 4)، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا…}(النازعات: 42)، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ..}(الأنفال: 1)، كل هذه الآيات يأتي بعدها قول الله عز وجل.. {قل…}، عدا آية الدعاء.. ليس فيه {قل} وإنما الجواب من عند الله مباشرة {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ..} (البقرة: 186).

– لنتدبر الآية التي اقترن فيها (السميع القريب)، الآية 50 من سورة سبأ.

– هذه الآيات جاءت في أواخر سورة سبأ؛ حيث يأمر الله عز وجل رسوله: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } (سبأ:46)، وهكذا الآيات التي بعدها.. في تفسير السعدي: «ولما تبين الحق بما دعا إليه الرسول, وكان المكذبون له يرمونه بالضلال, أخبرهم بالحق, ووضحه لهم, وبين لهم عجزهم عن مقاومته, وأخبرهم أن رميهم له بالضلال ليس بضائر الحق شيئا, ولا دافعاً ما جاء به.

وأنه إن ضل -وحاشاه من ذلك لكن على سبيل التنزل في المجادلة- فإنما يضل على نفسه, أي: ضلاله قاصر على نفسه, غير متعد إلى غيره.

{وإن اهتديت} فليس ذلك من نفسي, وحولي, وقوتي, وإنما هدايتي بما {يوحي إلي ربي} فهو مادة هدايتي, كما هو مادة هداية غيري. إن ربي {سميع} للأقوال والأصوات كلها {قريب} ممن دعاه وسأله وعبده.

كما قد تركنا الطريق المعبد منذ فترة وسلكنا طريقا ترابية لأكثر من ربع ساعة.. سأل صاحبي:

– متى سنصل إلى المكان الذي تريدون؟

– أمامنا ربع ساعة أخرى ولن تندم على ما قطعنا؛ فالمكان مميز جدا.

– لنرجع إلى الآيات والتفسير.

– لقد سبق أن تحدثنا عن اسم الله (السميع) يأتي بمعنى (السمع) وبمعنى الإجابة، إذا اقترن بالدعاء، وهنا اقترن (السميع) بـ(القريب)، ولا شك أن هذا القرب عام وخاص، فالله -عز وجل- قريب من جميع خلقه واطلاعه وإحاطته، وقريب من عباده الصالحين وأنبيائه باستجابة دعائهم، وتأييدهم ونصرهم.

– وماذا عن تفسير الطبري؟

قلب صاحبي صفحة على جهازه.

– في تفسير الطبري: «إن ربي سميع لما أقول لكم حافظ له وهو المجازي لي على صدقي في ذلك وذلك من غير بعيد فيتعذر عليه سماعه»، وهناك ملاحظة أنه نسب الضلالة إلى نفسه: {إن ضللت فإنما أضل على نفسي…}، ونسب الهداية لله: {وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربي}، وهذا من باب الأدب مع الله عز وجل.

– إن اقتران الاسمين (السميع القريب)، يورث في قلب العبد مراقبة لله فيما يقول، وكذلك لا يستوحش العبد المؤمن إذا فارق الناس أو فارقهم، حتى وإن كان في غياهب السجون لأن ربه (سميع قريب).

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2013/12/Pages-from-issue_753.pdf” color=”red” newwindow=”yes”] تحميل[/button]